لو فرض حصول القطع بها لما عرفت من أن القول بالحجية يحتاج إلى دليل يثبتها بنحو القطع.
هذا مضافا إلى أنه يرد على ذلك، ان المدعى إذا كان عدم حجية الخبر الواحد فكيف يثبت بالخبر الواحد؟ اللهم الا ان يقلب الدليل فيقال لو كان المدعى حجية الخبر الواحد لزمت منه حجية هذه الأخبار أيضا والفرض انها تنفي الحجية فيلزم من وجودها عدمها.
وبعبارة أخرى: اما ان يسلم عدم الحجية فهو المطلوب أو يقال بالحجية فيلزم من وجودها عدمها وما يلزم من وجودها عدمها باطل فافهم.
أدلة حجية الخبر الواحد:
والعمدة في المقام بيان أدلة الحجية وقد استدل لها بالأدلة الأربعة: (الكتاب والسنة والاجماع والعقل) اما الكتاب فب آيتين منه:
1 - آية النبأ قال تعالى في سورة الحجرات: (ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).
والاستدلال بها تارة بمفهوم الشرط وأخرى بمفهوم الوصف.
اما الأول:
فتقريبه على ما ذكروه ان الشارع لم يحكم برد خبر الفاسق مطلقا بل أوجب تبينه والعمل به على فرض الصدق وطرحه على فرض الكذب ومفهوم الآية، انه ان لم يجئكم الفاسق بالنبأ، فلا يجب التبين، فاما ان يقال حينئذ بطرح الخبر المأتي به من غير تبين، واما ان يقال بوجوب الاخذ من غير تبين، والأول باطل لاستلزامه كون العادل أسوأ حالا من الفاسق، فتعين الثاني.
هذا ولكن لا يخفى ان وجوب التبين شرطي لا نفسي فالجزاء بحسب الحقيقة: هو حرمة العمل بغير تبين واشتراطه بالتبين، فيصير مفاد الآية انه ان جاءكم الفاسق بنبأ فالعمل به مشروط بالتبين ومفهومه، ان غيره لا يجب التبين فيه عند العمل ولا يحرم العمل بدونه،