إشكال على الاستدلال بالاخبار:
ويرد على الاستدلال بهذه الاخبار أن التمسك بأصالة العموم وأصالة الحقيقة إنما يصح فيما إذا كان المراد الجدي مشكوكا فيه، فأريد تشخيصه، لا فيما إذا علم المراد وشك في كيفية الاستعمال.
توضيح ذلك أنه ربما يشك في أن المراد الجدي للمولى وما هو الموضوع لحكمه هو جميع الافراد أو بعضها، فبناء العقلا حينئذ على التمسك بأصالة العموم لتشخيص ما هو المراد، وربما يكون مراد المولى معلوما، غاية الأمر وقوع الشك في كيفية استعماله وإرادته، كما في دوران الامر بين التخصيص والتخصص، ففي هذه الموارد ليس بناء العقلا على التمسك بأصالة العموم، فإذا قال المولى: (أكرم العلماء) مثلا وعلم أن زيدا عالم وشككنا في أنه مراد أيضا كان بناء العقلا حينئذ على التمسك بأصالة العموم لاحراز وجوب إكرامه، و أما إذا علم عدم وجوب إكرام زيد، وشك في أنه من أفراد العلماء حتى يكون خروجه من باب التخصيص، أو أنه ليس من أفرادهم حتى يكون خروجه من باب التخصص، فليس بناء العقلا في أمثال المقام على التمسك بأصالة العموم لاحراز خروج زيد تخصصا، بحيث تثبت له آثار غير العالم.
إذا عرفت هذا فنقول: إن المفروض في الأخبار المذكورة هو العلم بالمراد وأنه خصوص الصحيح، وإنما الشك في كيفية الاستعمال، فالتمسك بأصالة العموم أو أصالة الحقيقة لاحراز كون الصحيح هو الموضوع له خروج عما استقر عليه بناء العقلاء.
ومما استدل به للصحيحي أيضا الاخبار الظاهرة في نفي الماهية و الطبيعة بمجرد فقد بعض الاجزاء أو الشرائط مثل قوله: (لا صلاة إلا بطهور)، أو (بفاتحة الكتاب). ويرد عليه: ان الأعمى أيضا يلتزم بأن بعض الاجزاء والشرائط دخيل في صدق الحقيقة وأن فقدانه يوجب انتفاءها حقيقة، نعم لو ثبتت صحة نفى الحقيقة بانتفاء أي جز أو شرط ولو كان من الاجزاء أو الشرائط غير الدخيلة عرفا في صدق المسمى، صح الاستدلال بذلك على كون الموضوع له خصوص الصحيح، ولكن أنى لكم بإثباته؟.
الاستدلال للقول بالأعم:
واستدل للأعمى أيضا بوجوه: منها التبادر. ويرد عليه أيضا أنه فرع تصوير الجامع حتى