في المقام.
نقد كلام الشيخ وصاحب الكفاية:
ونحن نقول: إن ما ذكره الشيخ وصاحب الكفاية: من جعل ظهور الشرطين دليلا على تقييد المتعلق مما لا ينحل به إشكال المسألة، فإن عمدة الاشكال إنما هي في كيفية تقييد المتعلق وما يقيد به.
توضيح ذلك: أنه لا إشكال في إمكان أن يتعلق بفردين من طبيعة واحدة وجوب واحد بنحو الارتباط، وكذا لا إشكال في إمكان أن يتعلق بهما وجوبان مستقلان في عرض واحد بخطاب واحد، بأن يقول مثلا: (توضأ وضوءين) ويصرح باستقلال كل من الوجوبين، بحيث يكون لكل منهما على حياله إطاعة وعصيان، ولا يخفى أن متعلق الوجوبين حينئذ لا يتمايزان، فلا تمايز في مقام الامتثال أيضا، بمعنى أن العبد إن أتى بوضوء واحد، فقد امتثل واحدا من الامرين من دون أن يتميز الامر الممتثل من غيره واقعا، ولا خصوصية لأحدهما حتى يقصد حين الامتثال امتثال الوجوب المتخصص بالخصوصية الكذائية.
وكيف كان فالامر بفردين أو افراد من طبيعة واحدة على نحو يستقل كل منهما بوجوب على حدة أيضا مما لا إشكال في صحته إذا كان الامر بالفردين أو الافراد بخطاب واحد.
وأما إذا كان هنا خطابان أو أكثر، كما إذا ورد في خطاب (إذا بلت فتوضأ) وفي خطاب آخر (إذا نمت فتوضأ)، فإما أن يقال: إن متعلق الوجوب في كليهما نفس الحيثية المطلقة أعني طبيعة الوضوء، وإما أن يقال: إنه في كليهما مقيد، وإما أن يقال: إنه مطلق في أحدهما و مقيد في الاخر، أما الأول فقد عرفت استحالته على فرض تعدد الوجوب، إذ الفرض وحدة المكلف والمكلف والمكلف به، فلا يبقى ملاك لتعدد الوجوب وتكثره، وصرف الشئ لا يتكرر، فلا بد للقائل بعدم التداخل من الالتزام بأحد الأخيرين، وحينئذ فيسأل عما يقيد به الطبيعة في أحدهما أو كليهما، وليس لك أن تقول: إن متعلق الوجوب في أحدهما فرد من الوضوء وفي الاخر فرد آخر منه، فإن ذلك إنما يصح إذا كان كل من الخطابين ناظرا إلى الاخر بأن يقول المولى مثلا: إذا بلت فتوضأ وضوءا غير ما يجب عليك بسبب النوم، ثم يقول: إذا نمت فتوضأ وضوءا غير ما وجب عليك بسبب البول، بحيث تكون الغيرية مأخوذة في متعلق أحدهما أو كليهما، والالتزام بذلك مشكل، بداهة عدم كون واحد من الخطابين في الأسباب المتعددة ناظرا إلى