الفصل التاسع:
ما إذا تعقب الاستثناء جملا متعددة إذا تعقب الاستثناء جملا متعددة، فهل الظاهر رجوعه إلى الجميع، أو خصوص الأخيرة، أو لا ظهور له في واحدة منها؟ وجوه.
قال في الكفاية ما حاصله: إنه لا إشكال في رجوعه إلى الأخيرة على أي حال، وكذا في صحة رجوعه إلى الكل، ضرورة أن تعدد المستثنى منه كتعدد المستثنى لا يوجب تفاوتا في ناحية الأداة بحسب المعنى، كان الموضوع له في الحروف عاما أو خاصا، وتعدد المخرج أو المخرج منه خارجا، لا يوجب تعدد ما استعمل فيه أداة الاخراج مفهوما (انتهى).
أقول: قد عرفت في مبحث المعاني الحرفية أن الحروف وضعت لحقائق الارتباط المندكة في الأطراف، ففي قولنا: الماء في الكوز مثلا ما هو المتحقق في الخارج عبارة عن شخص الماء وشخص الكوز، و ليس وراء هما شي على حياله بعنوان الظرفية. نعم، لا يكون الموجود في الخارج هو الماء والكوز بنحو الاطلاق، بل يكون الماء متخصصا بكونه مظروفا للكوز، والكوز أيضا متخصصا بكونه ظرفا للماء، فيكون الماء والكوز مرتبطين في الخارج بحقيقة الارتباط الظرفي، و لكن الارتباط ليس أمرا على حياله في قبال الكوز والماء، بل هو مندك فيهما. هذا حال الخارج، وأما الذهن فلسعة عالمه يمكن أن يوجد فيه نقش الخارج من دون تفاوت، فتوجد فيه صورة الماء و الكوز مرتبطتين بحقيقة الارتباط الظرفي، على وزان ما في الخارج، و يمكن أن يوجد فيه مفهوم الظرفية مستقلا في قبال صورتي الماء والكوز، فعلى الأول تكون الظرفية مندكة في الطرفين، بحسب اللحاظ، ويكون تحققها بتحققهما، وعلى الثاني يكون الموجود في الذهن ثلاثة مفاهيم مستقلة، غير مرتبطة، يعبر عنها بالماء والظرفية و الكوز، فلفظة (في) وضعت لان تدل على حقيقة الارتباط الظرفي المندك في الطرفين، وهذا بخلاف كلمة الظرفية، فإنها وضعت لان تدل على