الحجية المجعولة كالحجية المنجعلة في القطع، التنجيز للواقع على فرض الإصابة وصحة الاعتذار على فرض الخطأ، وعلى هذا فليس هناك حكم تكليفي وراء الحكم الواقعي فلا تلزم المحاذير.
نعم، لو قيل: باستتباع جعل الحجية لاحكام تكليفية، أو قيل: بأنه لا معنى لجعلها الا جعل أحكام تكليفية طريقية مماثلة للمؤديات من جهة انها من الوضعيات المنتزعة من التكليفيات ولا تنالها يد الجعل مستقلا فاجتماع حكمين تكليفيين وإن كان يلزم حينئذ ولكنهما ليسا بمثلين أو ضدين، فان الحكم الظاهري حكم طريقي عن مصلحة في نفسه بلا إرادة متعلقة وبمتعلقه ولا مصلحة في المتعلق وراء مصلحة الواقع والحكم الواقعي حكم نفسي عن مصلحة في متعلقه وتكون على طبقه الإرادة.
هذه خلاصة ما ذكره في الكفاية، وكان يبنى عليه أخيرا، وبعض أعاظم العصر، وأفق المحقق الخراساني في كون المجعول في باب الامارات حكما وضعيا ولكنه ذكر بدل الحجية، الطريقية والوسطية في الاثبات ونحوهما من التعابير، واستشكل على جعل الحجية. و الظاهر أن مراد الجميع واحد والاختلاف انما يكون بحسب التعبير.
التهافت بين كلامي المحقق الخراساني ورفعه:
ثم إنه صرح المحقق الخراساني وهذا المعاصر بعدم جريان هذا الجواب في باب الأصول المرخصة كأصل الإباحة، فأجابا عنه بغير هذا الطريق، ولا يخفى عليك ان ما ذكره المحقق المذكور في حاشيته يناقض ظاهرا مع ما ذكره في الكفاية أخيرا، حيث صرح في الحاشية بان الحكم الواقعي حكم إنشائي محض والحكم الظاهري فعلى، و صرح في الكفاية بان الحكم الواقعي هو الفعلي الذي تكون على طبقه إرادة البعث والزجر والحكم الظاهري حكم طريقي ليست على وفقه الإرادة والكراهة أصلا ومعنى الحكم الطريقي انه ليس حكما حقيقيا في قبال الحكم الواقعي بل إن طابق الواقع فهو عينه وان خالفه كان حكما صوريا ليست على طبقه إرادة.
ويمكن الجمع بين كلاميه (قده) بحيث يرتفع التهافت بتقريب ان يقال:
ان ما هو حقيقة الحكم وروحه عبارة عن إرادة المولى تحقق الفعل من العبد فإنه الذي يتعلق به الشوق أو لا، غاية الأمر انه لما كان الفعل من الافعال الإرادية للعبد وكان تحققه منوطا بتحرك عضلاته نحوه، يتولد من إرادة الفعل، إرادة تحرك العضلات، وحيث إن تحرك عضلاته متوقف على وجود الداعي في نفسه حتى ينبعث منه لو كان بحسب ملكاته ممن ينبعث من الدواعي