الأمر الثاني:
تقسيمات المقدمة 1 - المقدمة الداخلية والخارجية:
إن المقدمة قد تكون داخلية، وقد تكون خارجية، والمراد بالخارجية ما كانت مغايرة لذيها ماهية ووجودا، ولكن كانت في طريق وجوده، كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة، وبالداخلية ما كانت من أجزائه ومقوماته. ثم إنه قد وقع البحث في المقدمة الداخلية من جهتين:
الجهة الأولى: تصوير مقدمية الاجزاء.
فقد يستشكل فيها بتقريب أن المقدمية عبارة عن كون أحد الشيئين محتاجا إليه في وجود الاخر، والاحتياج إضافة بين شيئين ولا يمكن أن يعتبر بين الشئ ونفسه، وأجزأ الشئ ليست إلا نفسه.
وبتقريب آخر: مقدمة الشئ عبارة عما يقع في طريق وجوده، و الشئ لا يقع في طريق وجود نفسه. ونظير هذا الاشكال، الاشكال الوارد على عد المادة والصورة من أجزأ العلة التامة، مع كون المعلول أيضا عبارة عن مجموع المادة والصورة.
وأجاب عن الاشكال (في الكفاية) بأن المقدمة هي نفس الاجزاء بالأسر، وذو المقدمة هو الاجزاء بشرط الاجتماع، ثم قال: وبذلك ظهر أنه لا بد في اعتبار الجزئية من أخذ الشئ بلا شرط، كما لا بد في اعتبار الكلية من اعتبار اشتراط الاجتماع.
أقول: لا يخفى عليك أن المقدمة الداخلية ليست عبارة عن الاجزاء بالأسر، بل هي عبارة عن كل واحد من الاجزاء بحياله واستقلاله.
فالركوع مثلا مقدمة للصلاة، والسجود مقدمة أخرى لها، وهكذا، و الاجزاء مقدمات للكل لا مقدمة له، إذ المقدمة كما قلنا عبارة عن موجود يحتاج إليه شي آخر في وجوده، والاجزاء بما هي أجزأ ليست بموقوف عليها، وإنما الموقوف عليه هو كل واحد منها، فكما أن طبيعة الانسان تصدق على زيد مستقلا وعلى عمر ومستقلا