نقد ما ذكره المحقق الخراساني في الجمع بين الحكم الواقعي و الظاهري:
الثاني: من الوجوه المذكورة في مقام الجواب عن المحاذير ما ذكره المحقق الخراساني في حاشية الرسائل ومحصله:
ان مراتب الحكم أربع: الاقتضاء والانشاء والفعلية والتنجز وقد مر بيانها سابقا، ولا يخفى ان التضاد بين الاحكام انما يكون بعد فعليتها ووصولها إلى المرتبة الثالثة، وإذا تبين ذلك فنقول: ان المحاذير انما تلزم لو قلنا بفعلية الحكم الواقعي والظاهري معا ولا نقول بذلك بل البعث أو الزجر الفعلي ليس الا بما أدت إليه الامارة أعني الحكم الظاهري، والحكم الواقعي بالنسبة إلى الجاهلين إنشائي لم يبلغ مرتبة البعث والزجر فلا منافاة في البين.
فان قلت: يلزم من ذلك، التصويب المجمع على بطلانه، قلت: كما قام الاجماع على بطلان التصويب، قام الاجماع أيضا على عدم فعلية الأحكام الواقعية بالنسبة إلى الجاهلين بل رخص بعض الناس في مخالفتها.
هذه خلاصة كلامه، ثم استشكل على نفسه أيضا بان اللازم من ذلك عدم لزوم امتثال الأحكام الواقعية حتى في صورة العلم بها إذ الانشاء الذي ليست على طبقه إرادة البعث والزجر لا يجب امتثاله. وأجاب بما لا يغنى عن جوع، ويمكن ان نجيب عن الاشكال كما ذكره هو أيضا بان يقال:
ان المقصود ليس كون الحكم الواقعي إنشائيا محضا، بل الانشاء الذي ليست لفعليته حالة منتظرة سوى علم المكلف فهو فعلى من بعض الجهات وان لم يكن فعليا من تمام الجهات وكان (قده) يعبر عن المرتبة التي هي قبل العلم، بالفعلي قبل التنجز، وعن المرتبة التي تتحقق بالعلم، بالفعلي مع التنجز.
الثالث من الوجوه: ما ذكره المحقق الخراساني أيضا في الحاشية بنحو الإشارة وقد اختاره في الكفاية واكتفى به وحاصله:
ان معنى التعبد بخبر الواحد - مثلا - ليس إنشاء أحكام تكليفية على وفق المؤديات بان ينحل قوله: صدق العادل - مثلا - بعدد ما تؤدى إليها الامارة من الاحكام فتكون النتيجة ثبوت الوجوب ظاهرا فيما إذا أدت إلى وجوب شي وثبوت الحرمة ظاهرا فيما إذا أدت إلى حرمة شي وهكذا، بل التعبد به انما يكون بجعل الحجية له، و الحجية بنفسها حكم وضعي تنالها يد الجعل من دون ان يكون جعلها مستتبعة لانشاء أحكام تكليفية بحسب ما أدت إليه الامارة وأثر