الكفار إرجاعا لهم إلى ما يقتضيه جميع العقول وتشهد له سيرة جميع العقلا من قبح نسبة شي إلى شخص مع عدم ثبوته وعدم قيام الدليل عليه، فليس مضمون الآيات الا نفس ما دل عليه العقل وليست الآيات دليلا مستقلا في قباله.
وهكذا الاجماع الذي ادعاه (البهبهاني) (قده) ليس مما يستكشف عنه الحكم الشرعي فان الظاهر، ان اتفاق العلماء في ذلك من جهة انهم عقلا وليس الاجماع في المسائل العقلية كاشفا عن الحكم الشرعي.
لا ربط بين حجية الظن وجواز التعبد به:
ان المحقق الخراساني (قده) استشكل على (الشيخ) (قده) بان حرمة التعبد بشئ لم يرد التعبد به من الشارع وحرمة نسبته إلى الله تعالى لا ترتبطان بالحجية أصلا، إذ ليس من آثارها جواز التعبد و النسبة إليه تعالى، ضرورة ان حجية الظن عقلا على تقرير الحكومة في حال الانسداد لا توجب صحتهما، فلو فرض صحتهما مع الشك في التعبد لما كانت تجدي في الحجية شيئا، وبالجملة فمسألة حرمة التعبد بشئ لم يرد التعبد به وحرمه نسبته إليه تعالى لا ترتبط بباب الحجية وعدمها أصلا، فان الحجة عبارة عن امر يقع واسطة بين الموالي والعبيد، بها يحتج المولى على العبد عند الإصابة والعبد على المولى عند التخطي، ولا شك ان ترتب المنجزية والمعذرية عليها موقوف على العلم بها فإنها بوجودها الواقعي لا يكفي في تنجيز الواقع لو كانت مطابقة له ولا يمكن اعتذار العبد بسببها في صورة تخطيها عن الواقع.
والحاصل ان التنجيز والمعذرية أثر ان للحجة الواصلة التي علم حجيتها، فمع الشك في الحجية يقطع بعدم ترتب الاثرين فلا نحتاج إلى أصل يحرز به عدم الحجية بحسب الواقع.
ولا يتوهم في المقام، ورود الدور، بان يقال إن الحجية موقوفة على العلم والعلم على الحجية.
فانا نقول: ان الحجية امر تناله يد الجعل التشريعي ولكن المجعول بوجوده الواقعي لا يترتب عليه أثر أصلا بل الأثر المترقب يترتب على المعلوم منها، انتهى ملخص كلامه (قده). أقول ما ذكره (قده) متين ولا نحتاج مع وضوح المطلب إلى إطالة الكلام في المقام، نعم قد ذكرنا سابقا ان المعذورية تترتب على نفس عدم وصول الواقع لا على وصول خلافه فراجع ما حررناه في أوائل القطع.