مبنى ما قيل في الفرق بين المشتق والمبدأ:
ثم اعلم أن قياس الفرق بين المشتق ومبدئه على الفرق بين الجنس و الفصل وبين الهيولى والصورة يبتنى على تسليم أمور ثلاثة:
1 - أن مفهوم المشتق عين مفهوم المبدأ ذاتا، من دون أن تكون النسبة والذات مأخوذتين في المشتق.
2 - ما ذكره المتأخرون من أهل المعقول: من أن وجود العرض بعين وجود معروضه، وأنه من شؤونه ومراتبه، لا أن له وجودا آخر ينضم إليه ويكون حالا فيه.
3 - أن الملاك في صحة الحمل ليس مجرد الاتحاد في الخارج، بل اللازم في مقام الحمل لحاظ العرض المحمول بنحو الابهام في التحصل، لئلا يأبى الحكم باتحاده مع الموضوع، لا بنحو التمامية في التحصل، إذ يصير - في هذا اللحاظ - من منضماته المغايرة له، ويأبى الحكم باتحاده معه. وبهذا البيان ظهر الفرق بين المشتق ومبدئه، فإن المشتق إنما يلحظ بنحو الابهام، بخلاف المبدأ فإنه ملحوظ بما أنه متحصل بنفسه وبحياله، غاية الأمر كونه من منضمات الموضوع و نواعته، ولاجل ذلك يصح الحمل في المشتق دون المبدأ.
الأمر الثالث: ملاك الحمل قال في الكفاية: (إن ملاك الحمل هو الهوهوية من وجه والمغايرة من وجه آخر).
أقول: ملاك الحمل هو العينية والاتحاد بحسب اللحاظ، وقد عرفت أنهما لا يتحققان إلا إذا لحظ المحمول بنحو الابهام، حتى لا يأبى أن يكون تحصله بعين تحصل الموضوع، ولا يلزم في صحة الحمل تغاير الموضوع والمحمول، بل التغاير انما يعتبر لإفادة الحمل، فحمل الشئ على نفسه صحيح، ولو لم يعتبر المغايرة بوجه، لكنه غير مفيد إن لم تكن في البين مغايرة. وبعبارة أخرى ليست المغايرة من شرائط صحة الحمل، بل من شرائطه إفادته.
الأمر الرابع: لا يعتبر في صدق المشتق كون المبدأ زائدا على الذات قد مر سابقا أن حمل عناوين المشتقات على المصاديق وإجراءها عليها لا بد من أن يكون باعتبار وجود حيثية وجهة صدق في هذه المصاديق، تكون مفقودة في غيرها مما لا تحمل عليها، فحمل (العالم) على زيد مثلا متوقف على وجود حيثية العلم فيه، ولا يشترط زائدا على ذلك