جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى بحسب الوضع:
ثم إن المهم في المسألة هو إثبات الجواز عقلا في قبال من ادعى الامتناع العقلي، فلو ثبت الجواز عقلا فلا وجه للمنع عنه بحسب الوضع، و إن أصر عليه المحقق القمي.
قال (قده) في القوانين ما حاصله: إن اللفظ المفرد إذا وضع لمعنى فمقتضى الحكمة في الوضع أن يكون المعنى مرادا في حال الانفراد.
لا أقول: إن الواضع يصرح بأني أضع اللفظ لهذا المعنى، بشرط الوحدة، ولا يجب أن ينوي ذلك حين الوضع أيضا، بل أقول: إنما صدر الوضع عنه مع الانفراد وفي حال الانفراد، لا بشرط الانفراد حتى تكون الوحدة جزا للموضوع له، فالمعنى الحقيقي للمفرد هو المعنى في حال الوحدة لا المعنى والوحدة، وعلى هذا فلا يجوز استعمال المفرد في غير حال الانفراد لا حقيقة ولا مجازا. أما الأول فواضح، و أما الثاني فلان المجاز أيضا مثل الحقيقة في أنه لا يجوز التعدي عما حصلت الرخصة فيه من العرب بحسب نوعه. ولم تثبت الرخصة منهم في هذا النوع من الاستعمال (انتهى).
أقول: ما هو شأن الواضع إنما هو تعيين الموضوع له وبيان كيفية الاستعمال: من كونه إيجاديا أو إفهاميا، تصوريا أو تصديقيا وبمثل ذلك يفرق بين (اضرب)، و (طلب الضرب)، و (طلبت منك الضرب) مثلا، حيث إن المقصود من وضع اللفظ في الأول أن يعمل في المعنى بنحو الايجاد، وفي الثاني أن يعمل فيه بنحو الافهام التصوري، وفي الثالث أن يعمل فيه بنحو الافهام التصديقي كما عرفت تفصيل ذلك في أنحاء الاستعمال. فالواجب متابعة الواضع في تعيين الموضوع له و في نحو الاستعمال وكيفيته: من كونه إيجاديا أو إفهاميا بقسميه.
وأما إذا فرض أن الواضع وضع اللفظ لهذا المعنى، ثم وضعه بوضع آخر لمعنى آخر، ولم يلاحظ في الموضوع له قيد الوحدة، ولم يكن مانع عقلي أيضا من استعماله في المعنيين، فأي مانع من استعماله فيهما مع كون المستعمل فيه نفس ما وضع له؟ إذ المفروض أنه لم يستعمل في المجموع بما هو مجموع، بل في هذا المعنى مستقلا، و ذلك المعنى مستقلا، ولا نحتاج في هذا الاستعمال إلى ترخيص الواضع بعد كون الموضوع له طبيعة المعنى، لا بشرط الوحدة وكون المستعمل فيه أيضا ذلك.
رد التفصيل في المقام:
ثم إنه على فرض عدم المانع من استعمال اللفظ في المعنيين لا عقلا و لا وضعا، فهل يكون