الظهر والعصر، فيأتي بأربع بقصد العنوان الواجب عليه واقعا ويكتفى بهذا القصد الاجمالي ولكن ليس هذا مربوطا بباب الاحتياط إذ فيه يوجد القصد التفصيلي أيضا.
هذا كله إذا أريد بقصد التمييز قصد العنوان المأمور به المعبر عنه بقصد التعيين.
وان أريد به تمييز الواجب عن غيره حتى يكون الاحتياط مخلا بذلك، ففيه:
ان الواجب بوجوده الواقعي متميز عن غيره بعد ان لم يكن مما يعتبر فيه قصد العنوان أو تحقق قصده من المكلف، وبوجوده العلمي وان لم يكن متميزا عن غيره بمعنى عدم علم المكلف بخصوص ما هو الواجب حتى يأتي به بقصد امره ولكن التمييز بمعنى العلم ليس امرا قصديا إذ بعد فرض جهل المكلف لا يرتفع جهله بقصد العلم و التمييز.
فلا يبقى في المقام الا ان يقال: بأنه يعتبر في عبادية العبادة علم المكلف وتمييزه لخصوص الواجب حتى يأتي به بقصد امره ولا يكفي إتيانه بداعي احتمال الامر وهذا هو الذي ذكرناه من أن الاخلال في هذه الصور الأربع لو كان، فإنما هو بقصد الامر والقربة، حيث إن كيفية الإطاعة في هذه الصور تخالف كيفية الإطاعة في صورة العلم التفصيلي كما عرفت بيانه.
الامتثال الاجمالي:
إذا عرفت ما ذكرنا، فيقع الكلام في أنه هل يجوز القناعة بهذا النحو من الإطاعة في هذه الصور مع التمكن من الإطاعة التفصيلية أم لا؟
بعد الاتفاق على أن الإطاعة الاحتمالية أيضا نحو من أنحاء الطاعة و لذا تجب عند تعذر غيرها في أطراف العلم الاجمالي.
وبعبارة أخرى: النزاع انما هو في كون الامتثال الاحتمالي في طول الامتثال العلمي التفصيلي أو في عرضه؟ ولنقدم الكلام في أطراف العلم الاجمالي فنقول:
يمكن ان يوجه الجواز بان المعتبر في العبادة ليس الا كون صدور الفعل بداعي إلهي، بحيث يكون جهات العبودية، داعية له إلى إتيانه في مقابل الدواعي النفسانية، بل يمكن ان يقال: بأنه لا يتصور وقوع العبادات المعروفة بالدواعي النفسانية لعدم ملائمتها للقوة الشهوية. نعم ربما يأتي بها رياء ليظهر بها للناس انه يعبد الله وانه من الصلحاء ويستفيد بذلك استفادات دنيوية، ولكن ليس ذلك لملامة العبادة للاميال النفسانية بل لاستجلاب المنفعة بسبب الاتيان بما يراه الناس عبادة لله تعالى، ولولا جهة عباديته وعدم كونه من الملائمات النفسانية ذاتا، لم يكن الرياء به جالبا للمنفعة، فيكشف ذلك عن أن حقيقة العمل، حقيقة عبادية يكفي في صحتها