هل مفاد الأمر والنهي مشترك أو لا؟
قال في الكفاية ما حاصله: إن الأمر والنهي يشتركان في كونهما للطلب، غاية الأمر أن المتعلق للطلب في الأوامر هو وجود الطبيعة و في النواهي عدمها، فاختلافهما إنما يكون بحسب المتعلق لا بحسب الحقيقة، لكون كليهما بحسب الحقيقة من مقولة الطلب، ثم قال: إن متعلق الوجود في الأوامر ومتعلق العدم في النواهي أيضا أمر واحد وهو الطبيعة الواقعة بعدهما، غاية ما في الباب أنه لما كان وجود الطبيعة بوجود فرد ما وانعدامها بانعدام جميع الافراد، فلا محالة كان تحقق الامتثال في الأوامر بإتيان فرد ما وفي النواهي بترك جميع الافراد (انتهى).
أقول: يترتب على كلامه (قده) لوازم فاسدة لا يلتزم بها أحد: منها أن مقتضى ما ذكره أن يكون للنهي المتعلق بالطبيعة عصيان واحد و هو الاتيان بأول فرد من أفرادها من دون أن يكون الفرد الثاني أو الثالث وهكذا محققا لعصيان آخر، والالتزام بذلك مما يعد عند العقلا مستنكرا.
بيان ذلك: أن النهي إن كان عبارة عن طلب ترك الطبيعة كان المتعلق للطلب، أعني ترك الطبيعة أمرا وحدانيا، إذ العدم غير قابل للكثرة، فإنه عبارة عن نفس اللا شيئية التي هي خيال محض، وما هو المتكثر إنما هو وجود الطبيعة، فإنها موجودة في الخارج بنعت الكثرة.
وبالجملة: ترك الطبيعة أمر واحد ويكون نفس أمريته بانعدام جميع الافراد ومخالفته بإيجاد فرد ما، فلو كان النهي عبارة عن طلب ترك الطبيعة لزم أن تكون له مخالفة واحدة وعصيان واحد، وهو الاتيان بأول فرد من أفراد الطبيعة، من دون أن يقع الاتيان بالفرد الثاني أو الثالث عصيانا له، وهذا أمر مخالف لما يحكم به العقلا في باب النواهي، فإنهم يرون الاتيان بكل فرد من أفراد الطبيعة المنهي عنها عصيانا على حدة.
ومنها: أن مقتضى ما ذكره أن يكون للنهي المتعلق بالطبيعة امتثال واحد وهو ترك جميع الافراد، وهذا أيضا مخالف لحكم العقلا فإن المكلف إن اقتضت شهوته في الان الأول أن يأتي بالطبيعة المنهي عنها ولكنه تركها لأجل نهي المولى عد ممتثلا، وإن أتى بها في الان الثاني أو الثالث، ولو لم يأت بها في الان الثاني أيضا لمكان نهي المولى لعد هذا امتثالا آخر في قبال الامتثال الأول.
والحاصل: أن القول بكون النهي عبارة عن طلب ترك الطبيعة مستلزم لان لا يتصور له أزيد