في حال جهل العبد بالبعث الواقعي لزم عليه إنشاء خطاب ظاهري حتى يكون وصوله إلى العبد منجزا للواقع على فرض الإصابة، مثل ما إذا أصاب نفس البعث الواقعي، فحينئذ، يكون الواقع أعني إرادة الفعل من العبد فعليا لفرض وصوله إلى العبد، غاية الأمر بسبب البعث الظاهري، واما في صورة الخطأ أو في صورة جهل العبد بكلا الخطابين، فلا محالة يجب على المولى رفع اليد عن مراده بمعنى انه لا تمكن إرادته لانبعاث العبد نحو الفعل وصدوره عنه مع كونه بهذا الوضع الفعلي من عدم الاطلاع على مراد المولى لا بسبب البعث الواقعي ولا بسبب البعث الطريقي فتصير الإرادة شأنية حينئذ، و يكون العبد معذورا في مخالفة الواقع في كلا الفرضين أعني صورة الخطأ وصورة الجهل بالبعثين بملاك واحد وهو الجهل وعدم الاطلاع على إرادة المولى.
وما يتراءى في بعض الكلمات من جعل المعذرية أثر للامارة في صورة المخالفة للواقع فاسد جدا لما عرفت في مبحث القطع ان العذر يستند دائما إلى عدم وصول الواقع والجهل به سواء علم بخلافه أم لا وسواء قامت على خلافه أمارة أم لا فأثر الامارة هو التنجيز فقط في صورة الإصابة مثل القطع بعينه، فافهم.
بحث في الاجزاء:
وينبغي التنبيه على أن ما ذكرناه من فعلية الحكم الواقعي وكون الحكم الظاهري عينا له في صورة الموافقة وصورة حكم لا حقيقة له في صورة المخالفة، انما يصح فيما إذا كان المجعول الظاهري حكما مستقلا غير ناظر إلى توسعة الواقع، كما إذا قامت الامارة على حرمة شي أو عدم وجوبه مثلا وكان بحسب الواقع واجبا، أو قامت على وجوبه وكان بحسب الواقع حراما، أو غير واجب ونحو ذلك من الأمثلة، واما إذا كان المجعول الظاهري ناظرا إلى الواقع من دون ان يكون مفاده ثبوت حكم مستقل في عرضه، بل كانت بلسان تبيين ما هو وظيفة الشاك في أجزأ التكليف الواقعي المعلوم و شرائطها فلا مجال حينئذ، لفعلية الواقع بل الحكم الظاهري يكون فعليا في ظرف الشك ويكون العمل على وفقه مجزيا.
وان شئت تفصيل ذلك فنقول: ان القوم حين ما أرادوا البحث عن الاجزاء، قالوا: ان امتثال كل امر يكون مجزيا بالنسبة إلى نفسه، واما أجزأ امتثال الامر الاضطراري أو الظاهري عن الامر الواقعي الأولى ففيه بحث، وعنوان المسألة بهذا الوجه غير صحيح، وهو الذي أوجب استبعاد الاجزاء إذ لو فرض لنا أمران مستقلان فلا وجه لاجزاء امتثال أحدهما عن الاخر فان سقوط كل امر انما هو بإتيان متعلقه، فما هو المطرح في مسألة الاجزاء ويكون موردا للنفي و