بقي في المقام أمور أخر الأمر الأول: مفهوم المشتق بسيط أو مركب؟
مفهوم المشتق على ما حققه الشريف أمر بسيط منتزع عن الذات، باعتبار تلبسها بالمبدأ ولا يكون مركبا. فمعنى (ضاحك) ليس شيئا ثبت له الضحك، بل هو لا يحكي إلا نفس حيثية الضحك. وقد أفاد في وجه ذلك ما حاصله: إن مفهوم (الشئ) لا يعتبر في مفهوم الناطق مثلا، وإلا لكان العرض العام مأخوذا في مفهوم الفصل، فإن الشيئية من العوارض العامة، ولو كان المأخوذ في مفاهيم المشتقات مصاديق (الشئ) ومعنونات هذا العنوان لزم انقلاب القضايا الممكنة إلى الضرورية، فإن في قولنا: (الانسان ضاحك) مصداق الشئ الذي ثبت له الضحك هو الانسان، فترجع القضية إلى قولنا: (الانسان إنسان له الضحك)، وثبوت الشئ لنفسه ضروري (انتهي).
وقد أورد عليه في الفصول ما حاصله: إنه من الممكن أن نقول إن المأخوذ فيها مفهوم الشئ، وإن كون الناطق فصلا مبني على تجريده من مفهوم الشيئية في عرف المنطقيين، وذلك لا يوجب كونه مجردا منه لغة. ويمكن أيضا أن نقول إن المأخوذ فيها مصاديق الشئ، ولا يلزم منه الانقلاب، إذ المقصود في قولنا (الانسان إنسان له الضحك) ليس إثبات الانسانية المطلقة للانسان حتى تكون ضرورية، بل إثبات الانسانية المقيدة بالضحك، وهي ممكنة خاصة (انتهى). وقال شيخنا الأستاذ (قده) في الكفاية في رد ما ذكره صاحب الفصول أولا ما حاصله: إنه من المقطوع به أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه. والتحقيق أن مثل الناطق ليس بفصل حقيقي، بل هو لما كان من أظهر خواص الفصل الحقيقي سماه المنطقيون فصلا، و عليه فلا بأس بأخذ مفهوم الشئ في مثل الناطق، إذ اللازم منه أخذ عرض عام في عرض خاص، ولا بأس به.
وقال (قده) في رد ما ذكره في الفصول ثانيا ما حاصله: إن المحمول إن كان ذات المقيد بحيث كان التقيد داخلا والقيد خارجا فدعوى لزوم الانقلاب بحالها، وأما إذا كان المقيد بما هو مقيد محمولا بنحو يكون القيد أيضا داخلا فقضية (الانسان ناطق) تنحل إلى قضيتين:
إحداهما قضية (الانسان إنسان)، وهي ضرورية، والثانية قضية (الانسان له النطق) وهي ممكنة (انتهى كلامه