الأول: أن يكون شرطا شرعيا وذلك إنما يتصور فيما إذا لم يكن هذا الشئ داخلا في قوام الماهية، ولكن كان ترتب الغرض عليها متوقفا على تحققه، فحينئذ يتعلق الامر بالماهية مقيدة بهذا الشئ بنحو يكون التقيد داخلا والقيد خارجا فيكون المأمور به هو الطبيعة المقيدة.
الثاني: أن يكون من الشرائط العقلية والمقدمات الوجودية للمأمور به، وذلك بأن يكون المأمور به عنوانا بسيطا لا يتقيد بهذا الشئ في مقام الامر لكن هذا العنوان البسيط إنما ينتزع عن الاجزاء بالأسر حال كونها مسبوقة أو مقارنة أو ملحوقة بهذا الشئ، فمنطبق هذا العنوان الانتزاعي نفس الاجزاء بالأسر، ولكن انطباقه عليها يتوقف في متن الواقع على وجود هذا الشئ، فيكون هذا الشئ شرطا عقليا لتحقق المأمور به خارجا، غاية الأمر أنه كشف عنه الشارع.
فعنوان الصلاة مثلا إنما ينتزع عن الأمور المتكثرة التي أولها التكبير، و آخرها التسليم. ولكن انتزاعه عن تلك الأمور والاجزاء و انطباق عنوانها عليها يتوقف على الاتيان بها حال الطهارة مثلا.
وأما ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره) في الكفاية - من أخذ العدم شطرا أو شرطا - فالظاهر فساده، إذ العدم بما هو عدم لا يؤثر في المصلحة حتى يعتبر في المأمور به نحو اعتبار الاجزاء والشرائط.
نعم، ربما يكون الشئ بوجوده مانعا ومخلا بتحقق المأمور به، و انطباق عنوانه على منطبقه، فيعتبر عدمه من هذه الجهة، لا بأن يكون في عداد الاجزاء، فالتأثير حينئذ ليس لعدم هذا الشئ بما هو عدم بل لوجوده، وأثره الاخلال، وعد عدم المانع من أجزأ العلة التامة أيضا ليس إلا بلحاظ كون الوجود مخلا، وإلا فالعدم بنفسه لا يؤثر ولا يتأثر.
تصوير الجز الندبي:
وأما ما جعله في الكفاية جزا أو شرطا للتشخص والفرد فالظاهر رجوعه إلى نفس الطبيعة أيضا ولكن بحسب بعض مراتبها. وبهذا التقريب يتصور الجز الندبي للمأمور به أيضا.
بيان ذلك: أنه يمكن أن يفرض المأمور به كالصلاة مثلا عنوانا بسيطا ذات مراتب طولية، ينتزع بعض مراتبها عن فاقد هذا الجز، و بعضها عن واجده، ويصدق هذا العنوان البسيط بمرتبته الناقصة على الأقل، وبمرتبته الكاملة على الأكثر. فإن كان الشئ دخيلا في جميع المراتب سمي جزا وجوبيا وإن كان دخيلا في المرتبة الكاملة فقط سمي جزا ندبيا، وما تعلق به الامر هو صرف الطبيعة البسيطة المشككة، فالصلاة مثلا عنوان بسيط له مراتب