ولحظه بحدوده وأطرافه فإما أن يتعلق غرضه به مطلقا بأي وجه حصل وفي أي زمان وجد، وإما أن لا يتعلق غرضه به على إطلاقه، بل يتعلق به مقيدا بكونه في زمان خاص أو مكان خاص، أو بكون حصوله على وجه خاص، فالاطلاق والتقييد إنما يقعان - بحسب مقام الثبوت - فيما يتوجه إليه النفس ويتعلق به الغرض وهو نفس الفعل المأمور به.
الثاني: أن الانشاء عبارة عن الايجاد ولا يعقل وقوع التعليق في الايجاد.
الثالث: أن هيئة الأمر والنهي موضوعان - بالوضع العام والموضوع له الخاص - لخصوصيات الطلب وجزئياته لا لمفهوم الطلب، وإذا كان الموضوع له للهيئة معنى جزئيا، فكيف يتصور تقييدها، إذ الاطلاق والتقييد إنما يجريان في المفاهيم الكلية.
الرابع: أن مفاد الهيئة - وهو الطلب - معنى حرفي غير ملحوظ استقلالا، كما عرفت ذلك سابقا، وإنما يتعلق به اللحاظ الاندكاكي في ضمن لحاظ متعلقه كسائر المعاني الحرفية، والشي ما لم يتوجه إليه النفس ولم يلحظه مستقلا لم يعقل تقييده، إذ التقييد متوقف على لحاظ المطلق أولا نقل جواب الشيخ عن إشكال في المقام ونقده:
ثم إنه (قده) توجه إلى إشكال في المقام وهو أن الطلب المطلق إذا تعلق بفعل مقيد بقيد اختياري كان مقتضي إطلاق الطلب إيجاد المقيد ولو بإيجاد قيده.
وعلى هذا فيلزم على ما ذكره (قده) - من إرجاع القيد مطلقا إلى المادة وإبقاء الطلب بإطلاقه - وجوب تحصيل الاستطاعة في باب الحج مثلا مع كونه مخالفا لضرورة الدين. وحيث توجه إلى ورود هذا الاشكال تصدى لدفعه.
وحاصل ما ذكره في دفعه: أن الأحكام الشرعية لما كانت على مذاق العدلية تابعة للمصالح والمفاسد الكامنة في المتعلقات، وكانت المصالح والمفاسد مما تختلف بالوجوه والاعتبارات:
فتارة: يكون الفعل المقيد بقيد خاص ذا مصلحة سواء كان قيده متعلقا للتكليف وأتي على وجه الامتثال أو لم يكن متعلقا له ولم يؤت كذلك.
وأخرى: يكون الفعل المقيد بقيد خاص ذا مصلحة بشرط أن يكون قيده مكلفا به ومأتيا على وجه الامتثال بحيث يكون وقوع القيد تحت الامر وإتيانه على وجه الامتثال أيضا دخيلا في حسن الفعل المقيد و صيرورته ذا مصلحة، نظير الصلاة المقيدة بالطهارات