وجوبه في جميع ذلك واحد، فتدبر.
إذا عرفت هذا فنقول: قال شيخنا الأستاذ (قده) في الكفاية ما حاصله:
إن التحقيق عدم جواز التمسك بالعام قبل الفحص إذا كان في معرض التخصيص، كما هو الحال في عمومات الكتاب والسنة، و ذلك من جهة القطع باستقرار سيرة العقلا على عدم العمل قبله، ولولا القطع فلا أقل من الشك، وأما إذا لم يكن في معرضه، كما هو الحال في العمومات الواقعة في ألسنة أهل المحاورات فلا شبهة في أن السيرة قد استقرت على العمل به بلا فحص عن المخصص (انتهى).
أقول: ما ذكره من كون العام في معرض التخصيص كلام مجمل، فإن كان المراد بالمعرضية وجود العلم الاجمالي بورود التخصيص على بعض العمومات، ففيه: مضافا إلى أنه خارج من مورد النزاع، كما مر آنفا، أنه لو كان المانع عن العمل بالعموم وجود العلم الاجمالي كان مقتضاه جواز العمل بلا فحص، بعد انحلال العلم بالظفر بمقدار المعلوم بالاجمال، وهو كما ترى، وإن التزم به بعضهم. وإن كان المراد بالمعرضية كون المولى ممن جرت عادته على ذكر المخصصات منفصلة ولو غالبا، ففيه: أن المولى الكذائي إذا أمر عبده الخاص بأمر متعلق بالعام، فهل للعبد ترك العمل به معتذرا باحتمال طرؤ التخصيص؟ لا والله ولا يعده العقلا معذورا.
فالتحقيق أن يقال: - ولعله مراد صاحب الكفاية أيضا - إن التكاليف الصادرة عن الموالي متوجهة إلى عبيدهم على قسمين:
القسم الأول: ما كان صادرا في موارد خاصة، مثل ما إذا أمر المولى عبده في مقام خاص بعمل مخصوص، ففي هذا القسم يجب على العبد القيام بما يقتضيه ظاهر الخطاب، والدليل على ذلك عدم قبول العقلا اعتذار العبد الكذائي إذا اعتذر لترك العمل بالعموم بكونه بصدد الفحص عن المخصص أو سائر القرائن.
القسم الثاني: ما كان صادرا على نحو ما يجعل القوانين الكلية لجميع الناس أو لجميع من في سلطنة المولى، وهو أيضا على قسمين:
الأول: ما كان الغرض من جعله العمل به على فرض حصول العلم به و الاطلاع عليه، ففي هذا القسم أيضا لا يجب الفحص.
الثاني: ما كان الغرض من جعله تفحص العبيد وبحثهم عنه، ثم إجراؤه والعمل به بعد ذلك، حيث لم يكن مقصورا على من يحصل له العلم به اتفاقا، بل كان مطلوبا من كل واحد من الناس مطلقا ولاجل ذلك حث المولى - بعد جعله وتقنينه - على التفقه فيه والنفر لتحصيل