الوحدة، ويصحح إسناد القتل الصادر عن بعضهم إلى الجميع، وأما إذا كان العام أفراديا، ولو حظ كل فرد منه موضوعا مستقلا فلا مجال لان يسند ما صدر عن بعضهم إلى الجميع، إذ لا مصحح لهذا الاسناد، ففي مثل قوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قرؤ قد لو حظ كل واحدة من المطلقات موضوعا مستقلا لوجوب التربص، ولم يلحظ مجموع المطلقات موضوعا وحدانيا، فلا مجال لان يسند الحكم في قوله: وبعولتهن أحق بردهن إلى الجميع بلحاظ ثبوته لبعضهن.
وثالثا: أنه لا مجال في المقام لتوهم المعارضة بين أصالة الظهور في ناحية العام وأصالة الظهور في ناحية الضمير، فإن الشك في ناحية الضمير مسبب عن الشك فيما أريد من العام، إذ لو أريد منه العموم تعين التصرف في ناحية الضمير، وإن أريد منه الخصوص لم يقع تصرف في ناحيته.
وبالجملة المراد في ناحية الضمير معلوم، والشك إنما هو في كيفية استعماله، وأنه بنحو الحقيقة أو المجاز، وهذا الشك مسبب عن الشك فيما أريد من العام، وقد حقق في محله أن الأصل يجري في السبب، ولا يعارضه الأصل المسببي، وإنما يرتفع الشك في ناحيته قهرا بإجراء الأصل السببي.
هذه خلاصة ما يمكن أن يورد على ما ذكره في الكفاية.
والذي يقتضيه التحقيق في المسألة هو أن يقال: إن هنا احتمالا آخر غير ما ذكره في الكفاية من الوجوه الثلاثة، وهو أنك قد عرفت أن العام يستعمل دائما في العموم، غاية الأمر أن الإرادة الجدية قد تطابق الإرادة الاستعمالية، فيكون المراد الجدي أيضا هو العموم، وقد تخالفها فيكون الخصوص مرادا جديا، وبناء العقلا على الحكم بتطابق الإرادتين دائما ما لم تثبت إرادة الخصوص، ففيما نحن فيه يكون كل واحد من العام والضمير الراجع إليه مستعملا في العموم، و يكون الاستعمال في كليهما بنحو الحقيقة، غاية الأمر: أنه قد ثبت بالدليل الخارجي أن المراد الجدي في ناحية الضمير هو الخصوص فيحمل عليه، ولا دليل على تخالف الإرادتين في ناحية العام، فالأصل العقلائي الحاكم بتطابق الإرادتين هو المحكم في ناحيته، ورفع اليد عن أصالة التطابق في ناحية الضمير لا يوجب رفع اليد عنها في ناحيته، فتأمل جيدا.