نعم، يمكن أن يؤيد بها صحته في حال النذر فقط. وليعلم أيضا أن ما التزمه في الكفاية أخيرا من تعلق النذر بإتيان الصوم والاحرام عباديا، وكفاية نفس الامر النذري في إتيانهما كذلك تجري فيه إشكالات باب التعبدي والتوصلي وهو (قده) مع إيراده الاشكالات في ذلك الباب (من الدور وغيره) التزم هنا بما تجري فيه الاشكالات بعينها، فتدبر.
الأمر السادس: دوران الامر بين التخصيص والتخصص:
ما ذكرناه سابقا من جواز التمسك بالعام أو عدم جوازه إنما كان فيما إذا أحرزت فردية زيد مثلا للعام وشك في حكمه، من جهة احتمال كونه من أفراد المخصص.
وأما إذا كان هنا عام ذو حكم، وعلمنا بعدم كون زيد محكوما بحكمه، ولكن شك في كونه من أفراده حتى يكون خروجه بالتخصيص، أو عدم كونه كذلك حتى يكون خروجه بالتخصص، فهل يثبت بأصالة العموم عدم كونه من أفراده وتترتب عليه آثار ذلك أو لا؟ فيه كلام: قال في الكفاية ما حاصله بتوضيح منا: إن مثبتات الأصول اللفظية وإن كانت حجة ولكن حجية أصالة العموم إنما هي من باب بناء العقلا، والمتيقن من بنائهم على العمل بها إنما هو فيما إذا شك في المراد من جهة الشك في إرادة العموم، لا فيما إذا علم بالمراد وشك في كيفيتهما وأنها بنحو التخصيص أو التخصص (انتهى).
أقول: قد عرفت سابقا أن استعمال اللفظ على ثلاثة أنحاء:
الأول: أن يستعمل في معناه الموضوع له ليتقرر بنفسه في ذهن السامع، من جهة كونه مرادا جديا.
الثاني: أن يستعمل فيه ليجعل معبرا يعبره ذهن السامع إلى معنى آخر يكون هو المراد جدا.
الثالث: أن يستعمل في معناه ويكون المقصود تقرر بعض المعنى في ذهن السامع، ليحكم عليه وخروج بعضه الاخر، من جهة عدم إرادته جدا، وهذا القسم إنما يتصور فيما إذا كانت للمعنى وحدة جمعية و كانت متكثرة في عين الوحدة، كالعام الافرادي أو المجموعي، و الاستعمال على النحو الأول حقيقي، وعلى الثاني مجازي، وعلى الثالث لا هذا ولا ذاك، وقد عرفت تفصيل الانحاء الثلاثة سابقا فراجع.
وكيف كان فالعام المخصص من القسم الثالث فهو أيضا يستعمل في نفس معناه الموضوع له، أعني به جميع الافراد، غاية الأمر أنه لما كان المقصود بالحكم عليه بعض أفراده أتي بالمخصص