العلم به، وأعلن بكرات عديدة عدم معذورية الجاهل به والتارك له عن جهل، فمثل هذه القوانين يحكم العقل بوجوب تعلمها والبحث عن حدودها وتقييداتها وتخصيصاتها، إذ قد تم ما كان من قبل المولى: من بيان الاحكام وبيان حدودها والاعلام بكونها ثابتة لكل من الحاضر والغائب والموجود والمعدوم إلى يوم القيامة وعدم معذورية أحد من المكلفين في تركها، وجميع القوانين الدائرة في العالم من هذا القبيل، حيث تقنن من قبل الهيئة المقننة أولا الضوابط و القوانين الكلية، ثم تذكر تقييداتها وتخصيصاتها، ثم يعلن بوجوب الفحص عنها، ثم إجراؤها، ومن هذا القبيل أيضا القوانين الشرعية الاسلامية، فإن الله تبارك وتعالى أرسل رسوله ليبين الاحكام الكلية لجميع البشر، وأنزل إليه الكتاب الجامع، وأمر رسوله بنصب الخلفاء و الأئمة عليهم السلام، لتتميم قواعد الدين وتشييد مبانيها، ثم أوجب على جميع الناس تعلم الاحكام والنفر لتحصيلها فقال وقوله الحق: فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون. وقد ورد في الحديث أنه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له: هلا عملت، فإن قال: لم أعلم يقال له: هلا تعلمت. وعليك بمراجعة الآيات والاخبار حتى يظهر لك أنه كيف وقع فيها الحث على التفقه في الدين وتعلم أحكامه، فعلى هذا يجب على العبيد الفحص عن جميع الأحكام بخصوصياتها و حدودها، ولا عذر في ترك العمل بها عن جهل، فتتبع.
تبصرة: لا فرق بين الفحص فيما نحن فيه، والفحص في الأصول العملية، فإنهما من واد واحد كما عرفت، والواجب في الجميع هو الفحص بمقدار اليأس والاطمئنان بأنه لو كان مزاحم لظفر به، فما في الكفاية من الفرق بين المقامين، فيه ما لا يخفى، فتدبر.