لا يكون كذلك، بل يشترط في ثبوت الحكم للعالم عدم كونه فاسقا، فعلى الأول لا معنى للتخصيص، وعلى الثاني لا يكون عنوان العام بنفسه تمام الموضوع، بل يشترط في ثبوت الحكم له عدم عنوان المخصص بالعدم النعتي أو المحمولي، فعدم المخصص - إجمالا - بأحد النحوين دخيل ثبوتا، وهذا معنى التعنون وعدم كونه تمام الموضوع.
ثم إن الظاهر دخالة العدم بنحو النعتية والربطية، فإن حكم المخصص ثابت لوجوده الربطي، وانتفاء الوجود الربطي بالعدم الربطي، فالتحيض إلى الستين مثلا ثابت للمرأة الموصوفة بالقرشية، وبإزاء هذا الوجود الربطي العدم الربطي، فبضم المخصص إلى العام يستظهر أن التحيض إلى الخمسين إنما يكون للمرأة الموصوفة بعدم الانتساب إلى قريش، فيتعنون الموضوع بالعدم الربطي والنعتي، وقد عرفت أنه لا مجال للاستصحاب في ذلك إلا إذا كان بنحو الربطية متيقنا في السابق مع وجود الموضوع.
وأما تنظير بعض الأعاظم التخصيص بموت بعض الافراد فعجيب، فإن انعدام بعض الافراد لا يوجب تقيدا في موضوع الحكم ولا يخرجه من كونه تمام الموضوع، وهذا بخلاف التخصيص، فإنه يخرجه من التمامية كما عرفت. وكيف كان فلا يعقل كون عنوان العام تمام الموضوع ثبوتا بعد ورود التخصيص عليه. نعم، لا يوجب التخصيص تقيده في مقام الاثبات، وهذا بخلاف المطلق والمقيد فإن ورود المقيد يوجب تقيد المطلق في مقام الاثبات أيضا.
الأمر الخامس: التمسك بعمومات العناوين الثانوية:
قال في الكفاية ما هذا لفظه: (ربما يظهر عن بعضهم التمسك بالعمومات فيما إذا شك في فرد لا من جهة احتمال التخصيص بل من جهة أخرى، كما إذا شك في صحة الوضوء أو الغسل بمائع مضاف فيكشف صحته بعموم مثل أوفوا بالنذور فيما إذا وقع متعلقا للنذر بأن يقال: وجب الاتيان بهذا الوضوء وفاء للنذر للعموم وكل ما يجب الوفاء به لا محالة يكون صحيحا للقطع بأنه لولا صحته لما وجب الوفاء به، وربما يؤيد ذلك بما ورد من صحة الاحرام والصيام قبل الميقات وفي السفر إذا تعلق بهما النذر كذلك، والتحقيق أن يقال: إنه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعمومات المتكفلة لاحكام العناوين الثانوية فيما شك من غير جهة تخصيصها إذا أخذ في موضوعاتها أحد الاحكام المتعلقة بالافعال بعناوينها الأولية كما هو الحال في وجوب إطاعة الوالد والوفاء بالنذر وشبهه في الأمور المباحة أو الراجحة، ضرورة أنه معه لا يكاد يتوهم عاقل أنه إذا شك في رجحان شي أو حليته جاز التمسك بعموم دليل وجوب الإطاعة أو الوفاء في رجحانه أو حليته.