وكيف كان فالمسألة من جزئيات المسألة السابقة، وليس الاشكال فيها من جهة كون عنوان أولياء أو ثانويا، أو غير ذلك.
اللهم إلا أن يقال: إن وجوب الوفاء بالنذر عبارة عن وجوب الاتيان بالمنذور، والمنذور فيما نحن فيه ليس هو إتيان صورة العمل فقط، بل الوضوء الشرعي بالماء المضاف، والمفروض أن مشروعية الوضوء به وكونه وضوءا شرعيا مشكوك فيه، فإثباته بعموم وجوب الوفاء بالنذور تمسك بالعام فيما شك في كونه من أفراده، وهو مما يجب أن يستوحش منه.
ثم قال في الكفاية ما حاصله: إن صحة الصوم في السفر بنذره فيه، و كذا الاحرام قبل الميقات فإنما هي من جهة الدليل الدال على صحتهما. هذا في مقام الاثبات، وأما في مقام الثبوت فيمكن أن تكون صحتهما من جهة رجحانهما ذاتا في السفر وقبل الميقات، غاية الأمر أنه كان للامر بهما ندبا أو وجوبا مانع يرتفع بالنذر، كما يمكن أن تكون صحتهما من جهة صيرورتهما راجحين بسبب تعلق النذر بهما بعد ما لم يكونا كذلك. ويدل على قوة الثاني ما ورد من أن الاحرام قبل الميقات كالصلاة قبل الوقت. [1] لا يقال: لا تجدي صيرورتهما راجحين بذلك في عباديتهما، فإن وجوب الوفاء بالنذر توصلي، ولا شك أن الصوم والاحرام تعبديان، فإنه يقال: عباديتهما ليست بالامر النذري، بل من جهة كشف دليل صحتهما عن عروض عنوان راجح عليهما ملازما لتعلق النذر بهما، هذا بناء على اعتبار الرجحان في متعلق النذر مع قطع النظر عن نفس الرجحان النذري. ولكنه يمكن أن يقال بكفاية الرجحان الطارئ عليهما من قبل النذر في عباديتهما، بعد تعلق النذر بإتيانهما عباديا، و عدم تمكن المكلف من إتيانهما كذلك قبل النذر لا يضر بعد تمكنه منه بعده، فإنه لا يعتبر في صحة النذر إلا التمكن من الوفاء ولو بسببه (انتهى).
أقول: لا يخفى أن الاحرام قبل الميقات صحيح عند العامة، بل يجعلونه أفضل من الميقات ولكنه فاسد عندنا بالأخبار الواردة فيه، و أما إذا تعلق به النذر فقد دلت الاخبار على صحته.
ثم إن في جعل مسألتي الاحرام قبل الميقات والصوم في السفر مؤيدين لما نحن فيه نظرا، فإن الصوم في السفر والاحرام قبل الميقات فاسدان قطعا، وإنما يصحان في حال النذر فقط، فكيف تصير صحتهما في هذه الحالة مؤيدة لصحة الوضوء بالماء المضاف مثلا عند عدم تعلق النذر به.
[1] ويضعف الأول أيضا بأنه يلزم عليه كونهما مشروعين قبل تعلق النذر بهما أيضا، لوجود الملاك. ح - ع - م.