ربطيا، والأول في السالبة البسيطة، والثاني في السالبة المركبة.
إذا عرفت هذا فنقول: استصحاب العدم الأزلي بناء على صحته إنما يجري في كلا قسمي العدم، مثال ذلك أن الشارع حكم بأن المرأة تحيض إلى الخمسين، ثم استثنى من ذلك القرشية، فحكم بتحيضها إلى الستين، فالعام هو عنوان المرأة والمخصص هو عنوان القرشية، وحينئذ فقد يجعل المستصحب عبارة عن مفاد الهلية البسيطة، أعني به العدم المحمولي، فيقال: انتساب هذه المرأة إلى قريش لم يكن فيستصحب، فالمستصحب حينئذ هو عدم الانتساب المتحقق قبل وجود المرأة، وقد يجعل المستصحب عبارة عن مفاد الهلية المركبة أعني به العدم الربطي والنعتي، فيقال:
هذه المرأة لم تكن منتسبة إلى قريش فيستصحب، والمستصحب حينئذ أيضا هو العدم الثابت قبل وجود المرأة، فالقضية المتيقنة هي السالبة بانتفاء الموضوع، والمشكوكة هي السالبة بانتفاء المحمول، و لا يضر ذلك بالاستصحاب بعد اتحاد مفادهما عرفا.
لا يقال: موضوع الحكم الشرعي هو السالبة بانتفاء المحمول، فإثباتها باستصحاب أصل السلب الجامع، اعتماد على الأصل المثبت.
فإنا نقول: لا نسلم ذلك: إذ ما ذكرت موقوف على لحاظ الوجود في موضوع القضية الشرعية، ولا دليل على ذلك، بل الموضوع فيها ظاهرا هو نفس الماهية. نعم هنا شي آخر، وهو أن إثبات السلب الناقص باستصحاب السلب التام يوجب العمل بالأصل المثبت، فلا بد فيما إذا كان الأثر مترتبا على السلب الناقص من أن يستصحب نفسه، هذا ما ذكروه في المقام.
والظاهر عدم صحة استصحاب العدم الأزلي بكلا قسميه، وانصراف (لا تنقض) عن مثل هذا الاستصحاب [1] فإن الذي يراد استصحابه في المقام ليس نفس عدم الانتساب، بل عدم انتساب هذه المرأة، و الهذية إنما تعتبر عند وجود المشار إليه، ولا هذية للمرأة المعدومة فلا عرفية لهذا الاستصحاب، وتكون الأدلة منصرفة عنه. وإن شئت قلت: إن عدم المحمول في حال وجود الموضوع يعتبر بنظر العرف مغايرا للعدم الذي يفرض في حال عدم الموضوع، فإن الموضوع للأول أمر يمكن أن يشار إليه بهذا، دون الثاني، ففي الحقيقة ليس لنا متيقن مشكوك البقاء حتى [1] لا يخفى أن سيدنا الأستاذ (مد ظله العالي) لا يريد إنكار الاستصحاب العدمي مطلقا، كما قد يتوهم من منعه استصحاب العدم المحمولي أيضا في المقام، بل مراده إنكاره فيما إذا كان العدم مضافا إلى مفهوم لا يعتبر إلا عند الوجود، كمفهوم الهذية فلا عرفية للاستصحاب حينئذ سواء في ذلك العدم الربطي والمحمولي. ح - ع - م.