أن فعلهم لها على جهة الاستحباب وسيأتي ما يؤيده.
وبالجملة فالظاهر هو انحصار الاستحباب في الانفراد كما هو مفاد الأخبار المتقدمة مع كونه خلاف جميع العامة.
وكيف كان فالاستحباب جماعة إنما يتجه على ما هو المشهور من اشتراط وجوب العيدين وجوبا عينيا بإمام الأصل، ولا ريب أن هذا الشرط مختل زمان الغيبة ولهذا نقل القطب الراوندي والعلامة في المختلف - على ما قدمنا نقله عنهما - أن عمل الأصحاب على الصلاة جماعة استحبابا زمان الغيبة، إلا أنك قد عرفت أنه لا مستند له.
وأما على ما هو الظاهر من كلام جملة من محققي متأخري المتأخرين - وهو الظاهر أيضا ممن قال بالوجوب العيني حال الغيبة من المتقدمين حيث إنهم يجعلون شرائط الجمعة ثابتة لصلاة العيد من أن صلاة العيد زمن الغيبة كصلاة الجمعة واجبة عينا والإمام المشترط فيها إنما هو إمام الجماعة - فيشكل التعدد جماعة فيها في مسافة الفرسخ كما عليه علماء زماننا الآن فإنهم يصلون جماعات عديدة في البلد الواحد مع ترجيحهم هذا القول الذي أشرنا إليه قولهم باشتراط الوحدة فيها كما في الجمعة، لأنه متى صليت في مسافة الفرسخ بناء على ما ذكرنا امتنعت الصلاة ثانيا لعين ما تقرر في صلاة الجمعة من عدم مشروعية الجمعة الثانية في المسافة المذكورة.
وربما كان مستندهم في جواز التعدد في الصورة المذكورة ما تقدم نقله عن شيخنا الشهيد من أن شرط الوحدة في فرسخ إنما يعتبر مع وجوب الصلاتين فلو كانتا مندوبتين أو إحداهما لم يمتنع التعدد.
وفيه أن كلام شيخنا المذكورة مبني على اشتراط المعصوم في الوجوب العيني فهي الآن عنده مستحبة فلا يشترط فيها هذا الشرط إذ هو مخصوص بالواجبة، وأما عنده الوجوب زمن الغيبة عملا باطلاق الأخبار المتقدمة الدالة على الوجوب من غير ما يصلح لتقييدها بوجود إمام الأصل كما يدعونه وقد حصل باقي الشروط فإن الوجوب يكون عينيا عنده فلا بد من اعتبار الوحدة فيها كما في الجمعة