رسما يجب الانتهاء إليه فوجب حفظه عليه إلى وقت إيابه أو التمكن من إيصاله إليه أو وجود من انتقل بالحق إليه وجرى أيضا مجرى الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند عدمه سقوطها ولا يحل التصرف فيها على حسب التصرف في الأملاك ويجب حفظها بالنفس والوصية بها إلى من يقوم بإيصالها إلى مستحقها من أهل الزكاة من الأصناف.
وإن ذهب ذاهب إلى صنع ما وصفناه في شطر الخمس الذي هو حق خالص للإمام ع وجعل الشطر الآخر في يتامى آل الرسول ع وأبناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء في القرآن لم تبعد إصابته الحق في ذلك بل كان على صواب، وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه فيه من صريح الألفاظ وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع إقامة الدليل بمقتضى العقل والأثر من لزوم الأصول في حظر التصرف في غير المملوك إلا بإذن المالك وحفظ الودائع لأهلها ورد الحقوق، هذا آخر قول شيخنا المفيد جليل القدر مقتدى بأقواله انتهت رئاسة الشيعة الإمامية في عصره وزمانه إليه على ما حكاه شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله عنه، وهو صاحب النظر الثاقب والمناظرات في الإمامة والمقالات المستخرجة التي لم يسبق إليها فانظر أرشدك الله إلى قوله: وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه فيه من صريح الألفاظ فلو كان فيه نص صريح وأخبار متواترة ما جاز له أن يقول ذلك، ثم قال: وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة، ثم قال: مع إقامة الدليل بمقتضى العقل والأثر من لزوم الأصول في حظر التصرف في غير المملوك إلا بإذن المالك، مقصوده أن الله تعالى لا يكلفنا شيئا إلا وينصب عليه الأدلة وإلا يكون تكليفا لما لا يطاق وتعالى الله عن ذلك، فلما عدمت النصوص والخطاب من جهة الشارع كان لنا أدلة العقول منارا وعلما على المسألة يهتدي بها إليها على ما مضى شرحه في باب قسمة الغنائم والأخماس فقد أشبعنا القول في ذلك وحققناه وقلنا: إذا عدم أدلة الكتاب والأخبار المتواترة والإجماع في المسألة الشرعية كان فرضنا وتكليفنا فيها العمل بما يقتضيه العقل لأنها تكون مبقاة عليه بغير خلاف من محصل، ولو اقتصر في المسألة على دليل الاحتياط لكفى فكيف والأدلة العقلية والسمعية قائمة عليها.