الا انه يتوقف على وجود المعارض انتهى ويتوجه عليه أيضا معارضة هذا المفهوم بمنطوق صحيحة الأولى على رواية الفقيه فان ظهور قوله عليه السلام وليس عليها التقنع في الصلاة بعد وقوعه جوابا عن السؤال عن أن الأمة إذا ولدت هل عليها الخمار في الاطلاق أقوى من ظهور المفهوم في الوجوب قال في الحدائق في تفسير الرواية الظاهر أن المعنى فيها هو ان السائل ظن أن وجوب الخمار على المرأة انه كانت أم حرة دائر مدار الولادة المؤذنة بالبلوغ فأجاب عليه السلام بأنه لو كان كذلك فإنه لا اختصاص له بالولادة بل يجري في الحيض الذي هو أحد أسباب البلوغ أيضا مع أنه ليس على الأمة التقنع في الصلاة مطلقا ثم نقل عن الوافي أنه قال في ذيل هذا الخبر كان الراوي ظن أن أحد وجوب التقنع على النساء إذا ولدن فنبهه عليه السلام ان حده إذا حضن وانه ساقط عن الإماء في جميع الأحوال انتهى أقول يحتلم قويا ان يكون المراد بقوله الأمة إذا ولدت انها إذا صارت أم ولد لا مطلق الولادة ولو من غير مولاها فكان السائل حيث سمع الإمام عليه السلام يقول ليس على الأمة قناع احتمل اختصاص هذا الحكم بما عدى أم الولد اما لما فيها من التشبه بالحرمة أو لوقوع الخلاف (فيها عن بعض أهل الخلاف) كما هو محكى عن ابن سيرين واحمد في احدى الروايتين فسئل عنها بالخصوص فاجابه الإمام عليه السلام بأنه لو كان عليها الخمار لكان عليها إذا هي حاضت يعني لا مدخلية للولادة في هذا الحكم فإنها لا تخرجها عن الرقية فلو كان عليها لكان من حين حيضها يعني من أول بلوغها وحيث لا يجب عليها إذا هي حاضت فلا يجب عليها بعد ان ولدت فقوله وليس عليها التقنع في الصلاة بمنزلة التأكيد لما كان يفهم من التعليق ويحتمل كونه تأسيا بان يكون المقصود بالسؤال وجوب الخمار يجب عليها بعد ان ولدت فقوله وليس عليها التقنع في الصلاة بمنزلة التأكيد لما كان يفهم من التعليق ويحتمل كونه تأسيسا بان يكون المقصود بالسؤال وجوب الخمار عليها للحفظ عن النظر فاجابه بما اجابه ثم قال وليس عليها الخ وكيف كان فعلى تقدير ان يكون السؤال عن خصوص أم الولد تكون الرواية كالنص في المدعى وعلى التقدير الأول أيضا أقوى دلالة عليه من سائر المطلقات حيث وقع فيها السؤال عن الجارية إذا ولدت سواء كان من المولى أم من غيره فاطلاق الجواب في مثل الفرض خصوصا مع شيوع كونه من المولى يؤكد ظهوره في العموم فيشكل رفع اليد عنه بمجرد ظهور المفهوم في الوجوب اللهم الا ان يقال إن اطلاق الولادة غير مقصود بالسؤال على هذا التقدير لان قوله إذا ولدت اما كفاية عن كبرها وبلوغها حدا يطلق عليه اسم المرأة أو أريد به علامة البلوغ كما احتمله في الحدائق فلا يكون الجواب حينئذ الا كسائر المطلقات بل أضعف منها دلالة على الاطلاق لامكان الخدشة فيه بعدم كونه مسوقا الا لدفع ما توهمه السائل وبيان حكمها على سبيل الاجمال فليتأمل ثم إن المنساق إلى الذهن من النص والفتوى كما صرح به غير واحد الحاق الرقبة بالرأس في عدم وجوب سترها حيث إن سترها كالرأس غالبا ليس الا بالخمار فما دل على جواز ان تصلي بغير خمار كما يدل على عدم وجوب ستر رأسها يدل على عدم وجوب ستر رقبتها أيضا مضافا إلى أن شهادة خبر علي بن جعفر الدال على جواز ان تصلي في قميص واحد بذلك فما عن الروض من احتمال الوجوب في غاية الضعف نعم يجب عليها ستر ما عدى ذلك مما سمعته في الحرة بلا خلاف فيه على الظاهر لاطلاق الأدلة المقتصر في تخصيصها بالنسبة إلى الأمة بما عرفت وربما استظهر من عبارة الشيخ حيث قال على ما حكى عنه واما ما عدى الرأس فإنه يجب عليها تغطيته من جميع جسدها لان الاخبار وردت بأنه لا يجب عليها ستر الرأس ولم ترد بجواز كشف ما عداه انتهى انه يوجب ستر ما عدى الرأس مطلقا حتى الكفين والقدمين وعن بعض نسبة هذا القول إلى ظاهر غيره أيضا بل إلى صريح بعض وهو بعيد الا على تقدير الالتزام به في الحرة أيضا ضرورة انه ليس في خصوص الأمة نص يقتضيه فهي أولى من الحرة بعدم وجوب ستر الكفين والقدمين والذي يغلب على الظن ان مراد الشيخ ومن عبر كعبارته ليس الا بيان مساواتها فيما عدى الرأس مع الحرة في ستر سائر جسدها لا ان لها مزية في ذلك وكيف كان فان أريد بها ما ذكر فهو والا فواضح الضعف تنبيه الظاهر من عبارة المصنف رحمه الله وغيره ممن عبر كعبارته من أن الأمة والصبية تصليان بغير خمار إرادة بيان الجواز دفعا لتوهم الخطر الناشي من اطلاق الامر بوجوب ستر المرأة رأسها وسائر جسدها لا الوجوب الشرطي أو الشرعي كما هو واضح فهل الراجح شرعا في حقهما التستر أو التكشف أم هما بالخيار لم أجد من تعرض لذلك بالنسبة إلى الصبية واما الأمة فقد اختلفت الكلمات فيها قال في محكى المعتبر وهل يستحب لهما القناع قال به عطا ولم يستحب الباقون لما رووه ان عمر كان ينهى الإماء عن التقنع وقال انما القناع للحرائر وضرب أمة لآل انس رآها متقنعة وقال اكشفي ولا تشبهي بالحرائر وما قاله عطا أحسن لان الستر انسب بالعفة والحياء وهو مراد من الحرة والأمة وما ذكر ومن فعل عمر جاز ان يكون رأيا رآه انتهى واختار في الحدائق الكراهة ونسبه إلى المشهور لما رواه الصدوق في العلل باسناده عن حماد بن الحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الخادم تقنع رأسها في الصلاة قال اضربوها حتى تعرف الحرة من المملوكة وعن حماد اللحام قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن المملوكة تقنع رأسها إذا صلت قال لا قد كان أبي إذا رأى الخادم تصلي وهي مقنعة ضربها لتعرف الحرة عن المملوكة وعن محاسن البرقي نحوه وظاهر هاتين الروايتين الحرمة إذ لولاها لما استحقت الضرب وحكى عن ظاهر الصدوق في العلل التعويل على هذا الظاهر حيث قال على ما حكى عنه باب العلة التي من اجلها لا يجوز للأمة ان تقنع رأسها ثم ذكر الخبرين وقد حملهما في الحدائق على الكراهة بشهادة قوله عليه السلام في خبر أبي بصير المتقدم الا ان تحب ان تختمر و رواية أبي خالد القماط التي رواها الشهيد في الذكرى قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الأمة تقنع رأسها فقال إن شائت فعلت وان شائت لم تفعل سمعت أبي يقول كن يضربن فيقال لهن لا تشبهن بالحرائر مضافا إلى ظهور قوله عليه السلام في المعتبرة المستفيضة المتقدمة ليس عليها القناع في نفي الوجوب أقول ربما يشهد الخبر المحكى عن الذكرى بصدق ما رووه عن عمر وان ضرب الإماء والنهي عن تشبههن بالحرائر كان من فعله فيغلب على الظن جرى الخبرين الأولين مجرى التقية كما يؤيدهما بعض الامارات الداخلية والخارجية المشعرة بكون النهي عن التشبه بالحرائر كلمه دائرة على ألسنتهم ولا يبعد صدور الامر بالضرب في الرواية الأولى من باب التحكم والاستهزاء قصد به ظاهره تقية ولولا قوة احتمال التقية في هذه الأخبار لأمكن حملها على الكراهة وان لا يخلو توجيه جواز الضرب على ارتكاب المكروه عن تكلف فالأولى رد علمها إلى أهله بعض اعراض الأصحاب عن ظاهرها ومعارضتها بما عرفت والالتزام برجحان التستر لما في بعض الأخبار من الامر بمخالفتهم ما أستطيع وان الرشد في خلافهم فليتأمل ثم لا يخفى عليك ان مراد الأصحاب بأنه لا يجب على الأمة والصبية ستر رأسها في الصلاة هو الوجوب
(١٦٠)