غير ظاهر أو لم يظهر نفسه أو لم يتوجه نحو القبلة لكانت صلاته فاسدة غير جايزة لان ذلك من شرائط الصلاة وحدودها لا تجب الا للصلاة وكذلك لو كذب في شهر رمضان وهو صائم بعد ان لا يخرجه كذبه من الايمان لكان عاصيا في كذبه وكان صومه جائزا لأنه منهى عن الكذب صام أو افطر ولو ترك العزم على الصوم أو جامع لكان صومه فاسدا باطلا لان ذلك من شرائط الصوم وحدوده لا تجب إلا مع الصوم وكذلك لو حج وهو عاق لوالديه ولم يخرج لغرمائه من حقوقهم لكان عاصيا في ذلك وكانت حجته جابرة لأنه منهى عن ذلك حج أو لم يحج ولو ترك الاحرام أو جامع في احرامه قبل الوقوف لكانت حجته فاسدة غير جايزة لان ذلك من شرايط الحج وحدوده لا تجب الا مع الحج ومن اجل الحج فلما كان واجبا قبل الفرض وبعده فليس ذلك من شرائط الفرض لان ذلك اتى على حده والفرض جائز معه فكل ما لم يجب الا مع الفرض ومن اجل ذلك الفرض فان ذلك من شرائطه لا يجوز الفرض الا بذلك على ما بيناه ولكن القوم لا يعرفون ولا يميزون ويريدون ان يلبسوا الحق بالباطل انتهى وفي الحدائق رجح هذا القول وبالغ في تشييده وحكى عن المحدث الكاشاني الميل إليه ونقل عن المجلسي رحمه الله ما يظهر منه ميله إليه وعن المصنف رحمه الله في المعتبر التفصيل بين الساتر وغيره قال في محكى المعتبر ثم اعلم اني لم أقف على نص عن أهل البيت عليهم السلام بابطال الصلاة وانما هو شئ ذهب إليه المشايخ الثلاثة منا واتباعهم والأقرب انه ان كان ستر به العورة أو سجد عليه أو قام فوقه كانت الصلاة باطلة لان جزء الصلاة يكون منهيا عنه وتبطل الصلاة بفواته واما لو لم يكن كذلك لم تبطل وكان كلبس خاتم مغصوب انتهى ونوقش فيه بان ستر العورة ليس جزء من الصلاة وانما هو من شروط صحتها ولعله لذا عدل صاحب المدارك مع موافقته للمصنف رحمه الله فيما اختاره عن التعبير بالجزئية إلى التعبير بالشرطية فقال بعد نقل كلام الأصحاب وحكمهم بالبطلان مطلقا واحتجاجهم عليه ومناقشته في احتجاجهم بما سمعه ما هذا لفظه والمعتمد ما اختاره المصنف رحمه الله في المعتبر من بطلان الصلاة ان كان الثوب ساترا للعورة لتوجه النهي إلى شرط العبادة فيفسد ويبطل المشروط لفواته وكذا ان قام فوقه أو سجد عليه لان جزء الصلاة يكون منهيا عنه وهو القيام والقعود حيث إن نفس الكون منهى عنه اما لو لم يكن كذلك لم يبطل التوجه النهي إلى امر خارج عن العبادة انتهى أقول والذي يقتضيه التدبر ان العدول عما ذكره المصنف في مقام الاستدلال نشأ من الغفلة والخلط بين احكام الجزء والشرط بيان ذلك ان ستر العورة الذي هو بعراة أخرى عن لبس الساتر هو في حد ذاته فعل من افعال المكلف حدوثا وبقاء موجب لاستحقاق العقاب عليه على تقدير كون الساتر مغصوبا حيث إن لبس المغصوب من أوضح افراد التصرف فيه المعلوم حرمته بالضرورة فإن كان هذا الفعل اي الستر من حيث هو معتبرا في مهية الصلاة لكان حاله حال الركوع والسجود والقيام ونحوها في كونه معدودا من اجزاء الصلاة لا من الشرائط المعتبرة في صحتها لان الشرط هو الجزء العقلي الذي يتقيد به المهية ولا يزيد بزيادته اجزائها كالطهارة والاسلام ونحو ذلك فالستر على تقدير كونه بنفسه معتبرا في الصلاة لكانت الصلاة مركبة من عدة اجزاء منها الستر فمتى كان الستر منهيا عنه يكون ذلك موجبا لبطلان الصلاة لما ستعرف من أن جزء العبادة لا يعقل ان يكون محرما بالفعل واما ان كان اعتباره في الصلاة لا من حيث كونه في حد ذاته فعلا صادرا من المكلف بل من حيث اشتراط الصلاة بصدورها من المكلف حال كونه مستورا عورته فيكون حينئذ من الشرائط لكن الشرط في الحقيقة هو كونه مستور العورة لا فعل الستر من حيث هو ففعل الستر من حيث هو خارج عن حقيقة الصلاة فلا يؤثر حرمته في بطلانها لان النهي متعلق بأمر خارج اللهم الا ان يقال إن شرطية التستر حال الصلاة مستفادة من الأدلة الدالة على وجوب الستر في الصلاة وهي منصرفة إلى الافراد المباحث إذ لا يتعلق التكليف بالمحرم ومقتضاه اشتراط الصلاة بوقوعها حال كون المصلي مستورا عورته بساتر مباح ولكن توجه عليه منع الانصراف فان المنساق من التكاليف بالغيرية ليس الا إرادة بيان الاشتراط لا الحكم التكليفي كي ينصرف إلى الافراد المباحة فليس الامر بالستر الا كالأمر بغسل الثوب والبدن في كون المقصود به بيان توقف صحة الصلاة على مهية الستر من حيث هي من غير التفات إلى خصوصيات الافراد فظهر بما ذكرنا ان ما ذكره صاحب المدارك في تقريب الاستدلال لبطلان الصلاة في الساتر المغضوب لا يخلو عن مناقشة وانما يتم هذا الدليل على تقدير كون فعل الستر من حيث هو مأخوذا في قوام مهية الصلاة فهو حينئذ من اجزائها لا من الشرائط فكأن المصنف رحمه الله نظرا إلى ذلك في عبارته المتقدمة عن المعتبر حيث ساقه في سلك الاجزاء ولم يعده من الشرائط فما ذكره المصنف رحمه الله في تقريب الاستدلال متين ولكن يتوجه عليه المناقشة المتقدمة من منع كون الستر من الاجزاء بل هو من الشرائط إذ لم يعتبره الشارع في مهية الصلاة من حيث كونه فعلا صادرا من المكلف بل من حيث حصوله حالها ولذا لا يعتبر فيه القصد والمباشرة ونحوها مما هو معتبر في اجزاء العبادة فليتأمل وكيف كان فالأقوى في لفرق بين الساتر وغيره والحق بطلان الصلاة الواقعة في المغصوب مطلقا ولو في مثل خيط كما صرح به بعض فضلا عن الثياب التي لبسها المصلي لان الحركات الواقعية فيه الحاصلة بفعل الصلاة منهى عنها لأنها تصرف في المغصوب والنهي عن الحركات نهى عن القيام والقعود والركوع والسجود وهو جزء الصلاة فيفسد لان النهي في العبادة يقتضي الفساد كما سنوضحه فتكون الصلاة فاسدة لفساد جزمها وفي المدارك بعد ان نقل عن الأصحاب احتجاجهم للحكم بالبطلان بالدليل المزبور اعترض عليه بقوله ان النهي انما يتوجه إلى التصرف في المغصوب الذي هو لبسه ابتداء واستدامة وهو امر خارج عن الحركات من حيث هي حركات أعني القيام والقعود والسجود فلا يكون النهي متنا ولا لجزء الصلاة ولا لشرطها ومنع ارتفاع النهي ينتفي البطلان انتهى وفيه ان التصرف في المغصوب ليس منحصرا في لبسه كي يصح ان يقال إن الحركات من حيث هي امر وراء لبس الثوب فلا يتسرى النهي عنه إليها حتى يقتضي بطلان الصلاة بل مطلق التقلبات الواردة عليه تصرف فيه فنقله من مكان إلى مكان وتحريكه ولو بالعرض كلبسه محرم فالحركة الركوعية مثلا كما أنه يصدق عليها عنوان الركوع كذلك يصدق عليها انها نقل المغصوب من مكان إلى مكان فيتصادق على الفعل الشخصي الخارجي عنوان الغصب والركوع وحيث إن الغصب محرم على الاطلاق يمتنع ان يصير مصداقه عبادة فتفسد الركوع والمناقشة في تسمية الحركة ركوعا أو سجودا أو قياما حيث إن هذه الأفعال بحسب الظاهر اسام للكون الحاصل عقيب تلك الحركات غير مجدية الا على القول بعدم اعتبارها رأسا في مهية الصلاة وانما هي من مقدمات الافعال وهو باطلاقه ضعيف كما ستعرفه إن شاء الله فيتم ما ذكر وان لم يصدق على الحركات اسم الركوع
(١٤٥)