مساعدة الدليل هذا مع امكان ان يقال فرق بين ما لو وقع السؤال عن أشياء عديدة فأجيب عن جملتها بجواب عام كما في المقام وبين ما لو سئل عن شئ أو شيئين بالخصوص ففي الثاني لا يجوز تخصيص المورد واما الأول فلا مانع عنه بالنسبة إلى بعضه إذا بقي أغلب ما وقع عنه السؤال مندرجا تحت عموم الجواب خصوصا مع مناسبته ذلك البعض الخارج للباقي في جنس الحكم كما لو كان السنجاب مثلا في الواقع حكمه مخالفا لحكم ما عداه مما لا يؤكل لحمه في حرمة الصلاة ولكن كانت الصلاة فيه أيضا مرجوحة ولكن على سبيل الكراهة فحينئذ لا يبعد الاكتفاء في جوابه بما يدل بظاهره على حرمة الجميع والحاصل ان الموثقة وان كان قوية الدلالة بالنسبة إلى السنجاب وغيره مما جرى ذكره في كلام السائل ولكنها غير أبية عن التخصيص بالاخبار المتقدمة ومما يؤيد المنع بل يستدل به عليه ما عن الفقه الرضوي ولا يجوز الصلاة في سنجاب وسمور وفنك فإذا أردت الصلاة فانزع عنك ويرده مضافا إلى عدم الاعتماد على الرضوي ما عنه بعد قوله فانزع عنك أنه قال وروى فيه رخصة فإنه مع اشعاره بالرضا بالعمل بهذه الرواية وكون النهي تنزيهيا ان كان من الإمام عليه السلام الذي لا يبتني احكامه على الترجيحات الاجتهادية يتوجه عليه ما مر غير مرة من أن الروايات التي تضمنها الرضوي أوثق من نفسه فهو على خلاف المطلوب أدل واضعف من ذلك الاستشهاد بالعبارة المتقدمة انفا من كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم من قوله والعلة في أن لا يصلي في السنجاب والسمور والفنك قول رسول الله صلى الله عليه وآله المتقدم اي قوله صلى الله عليه وآله لا تصل في ثوب مما لا يؤكل لحمه ولا يشرب لبنه لما عرفت من أنه لم يثبت كون هذه العبارة متن الرواية بل الظاهر كونها مما استنبطه صاحب الكتاب من عموم النبوي ويتلوهما في الضعف الاستشهاد برواية أبي حمزة الثمالي قال سئل أبو خالد الكابلي علي بن الحسين عليهما السلام عن اكل لحم السنجاب والفنك والصلاة فيهما قال أبو خالد ان السنجاب يأوى الأشجار قال فقال له ان كان له سبلة كسبلة السنور والفار فلا يؤكل لحمه ولا تجوز الصلاة فيه ثم قال اما انا فلا آكله ولا أحرمه فإنها ضعيفة السند وقاصرة الدلالة إذ لم يعلم مخالفتها للأخبار المتقدمة الدالة على الجواز حيث إن المنع معلق على امر غير متحقق بل ربما يستشعر من قوله عليه السلام اما انا فلا اكله الخ ان الواقع خلافه و في الحدائق بعد نقل هذه الرواية قال وفي اللغة السبلة بالتحريك الشارب ومفهوم هذا الخبر ان ما ليس له سبلة فهو حلال اكله ويجوز الصلاة فيه ويؤيده قوله عليه السلام اما انا فلا آكله ولا أحرمه بحمل كلامه على ما ليس له سبلة بمعنى انه حلال على كراهية ويجوز الصلاة فيه والحديث غريب والحكم به مشكل إذ لا اعرف قائلا به بل الظاهر الاتفاق على تحريمه مطلقا وان استثنى جواز الصلاة فيه في جلده ووبره على القول بذلك انتهى أقول يمكن توجيه الرواية على وجه يندفع عنها هذه الغرابة ولكن يحتمل قويا كونها مشوبة بالتقية فأريد بها الاجمال وعدم التصريح بالحكم الواقعي على سبيل الجزم كما هو شان الإمام عليه السلام فالأولى رد علمها إلى أهله فظهر بما ذكر ان عمدة ما يصح الاستدلال به للمنع هي الموثقة المتقدمة وهي أيضا لا تصلح لمعارضة الأخبار الخاصة الا ان تلك الأخبار بنفسها من موقع ريبة فإنها على كثرتها قل ما يوجد فيها خبر يمكن الالتزام بظاهره فإنها في غاية الاختلاف بحيث يعارض بعضها بعضا فضلا عن معارضتها لغيرها من الاخبار التي ستسمعها في المباحث الآتية ومخالفة التفاصيل المذكورة فيها للمشهور أو المجمع عليه فإنه يظهر من بعضها نفي الباس عن الصلاة في غير المأكول مطلقا كصحيحة الحلبي ومن بعضها التفصيل بين السباع وغيرها كالخبرين الأولين الذين وقع فيهما التصريح بنفي الباس عن خصوص السنجاب معللا بأنه دابة لا تأكل اللحم وفي بعضها تخصيص الجواز بالفنك والسنجاب وفي بعض بالسنجاب والحواصل الخوارزمية فيغلب على الظن ان جل هذه الأخبار لولا كلها لا يخلو عن نوع من التقية كما يؤيد ذلك ما يظهر من بعض الأخبار المتقدمة من كون المسألة مما يشتد فيه التقى ولا ينافي ذلك مخالفة التفاصيل التي تضمنتها الروايات للعامة حيث حكى عنهم القول بالجواز مطلقا إذ قد لا تقتضي المصلحة الا التقية عنهم في بعض الموارد دون بعض وهذا مما يختلف بحسب ما يقتضيه مصلحة الوقت من حيث ميل حكامهم وقضاتهم وغير ذلك من المناسبات فيشكل على هذا رفع اليد بمثل هذه الروايات عن ظاهر موثقة ابن بكير التي كادت تكون صريحة في العموم ولا يتطرق فيها شائبة تقية ولذا قد يقوى في النظر ما قيل كما عن الشيخ في الخلاف وكتاب الأطعمة من النهاية وابن البراج والحلي وغيرهم من أنه لا تجوز ولكن مع ذلك الأول اي القول بالجواز اظهر فان حمل هذه الأخبار بأسرها على التقية مع اشتمال كثير منها على التفاصيل المنافية للتقية في غاية البعد خصوصا في رواية بشر التي وقع فيها السؤال عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل في غير حال التقية فاجابه الإمام عليه السلام بقوله صل في السنجاب والحواصل الخوارزمية ولا تصل في الثعالب ولا السمور فالانصاف ان حمل مثل هذه الأخبار التي خصص فيها الرخصة ببعض دون بعض على التقية كرواية بشر ومكاتب يحيى وصحيحة أبي علي ونحوها ابعد من تخصيص الموثقة أو ارتكاب التأويل فيها بالحمل على ما لا ينافي إرادة الكراهة في بعض مصاديقها فهذا هو الأولى ولا ينافي ذلك في لالتزام بظواهر هذه الأخبار في بعض مضامينها كالفنك ونحوه كما سيأتي الكلام فيه لأجل الابتلاء بمعارض مكافؤ فان هذا لا يقدح في حجية الخبر بالنسبة إلى سائر فقراتها ولا يعين وجه صدوره في التقية بل ربما يكون الخبر المرجوح مطابقا للواقع ولكن لا نقول به في مرحل الظاهر لأرجحية المعارض لا للعمل بخلافه فليتأمل وحكى عن ابن حمزة القول بالكراهة وربما يظهر من ذلك من الصدوق في المجالس حيث قال على ما حكى عنه ولا باس بالصلاة في شعر ووبر كل ما اكل لحمه وما لا يؤكل لحمه فلا يجوز الصلاة في شعره ووبره الا ما خصه الرخصة وهي الصلاة في السنجاب والسمور والفنك والخز والأولى ان لا يصلي فيها ومن صلى فيها جارت صلاته وربما استظهر منه أيضا في الفقيه حيث قال وقال أبي في رسالته إلى لا باس بالصلاة في شعر ووبر ما اكلت لحمه وان كان عليك غيره من سنجاب أو سمور أو فنك واردت الصلاة فانزعه و قد روى فيه رخص واستظهر أيضا من عبارة الشيخ في الخلاف وسلار حيث إنهما على ما حكى عنهما بعد ان ذكر المنع مما لا يؤكل لحمه قالا ورويت رخصة في الصلاة في السنجاب والسمور والفنك وفي الاستظهار خصوصا من عبارة الأخيرين تأمل وكيف كان فمستند الحكم بحسب الظاهر هو الجمع بين الاخبار ولكن قد يشكل ذلك في السنجاب
(١٣٢)