ليس في هذه الصحيحة تصريح بنفي الباس عن الصلاة فيها فلعله أريد بها لبسها كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في صدر المبحث وصحيحة جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن جلود الثعالب إذا كانت ذكية يصلي فيها قال نعم وعن ابن أبي نجران عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الصلاة في جلود الثعالب فقال إذا كانت ذكية فلا باس وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلته عن اللحاف من الثعالب أو الجرز منه أيصلي فيها أم لا قال إذا كان ذكيا فلا باس به قال في محكي الوافي هكذا نسخ التهذيب التي رأيناها قيل الجرز بكسر الجيم وتقديم المهملة عن المعجمة لباس النساء وفي الاستبصار أو الخوارزمية وكأنها الصحيح فيكون المراد بها الحواصل انتهى وربما يظهر من بعض الأخبار التفصيل بين الجلد والوبر مثل ما روى عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد عن صاحب الزمان عجل الله فرجه انه كتب إليه قد سئل عن بعض العلماء عن معنى قول الصادق عليه السلام لا تصل في الثعلب ولا في الأرنب ولا في الثوب الذي يليه فقال عليه السلام انما عني الجلود دون غيرها وعنه أيضا عن صاحب الزمان عجل الله فرجه انه كتب إليه روى لنا عن صاحب العسكر انه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغش بوبر الأرانب فوقع يجوز وروى عنه أيضا انه لا يجوز فبأي الخبرين نعمل فأجاب عليه السلام انما حرم في هذه الأوبار والجلود فاما الأوبار وحدها فكل حلال وخبر بشر بن بشار قال سئلته عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب فكتب يجوز ذلك والأشبه بالقواعد حمل هذه الأخبار الأخيرة بأسرها على التقية أورد علمها إلى أهله لمخالفتها للمشهور وموافقتها للجمهور وفي جملة من الاخبار الإشارة إلى أن المورد من الموارد التي يشتد فيها التقية وقد تقدم مرارا التنبيه على أنه لولا أن الامر كذلك لكان المتجه الجمع بين الاخبار بحمل اخبار المنع على الكراهة وتنزيل ما في الاخبار من الاختلاف على اختلاف مراتب الكراهة وربما يصلح شاهدة لهذا الجمع جملة من الأخبار المتقدمة التي وقع فيها التعبير بما أحب ان أصلي فيها أولا خير في ذلك كله أو انه مكروه أو غير ذلك من العبائر المشعرة أو الظاهرة في الكراهة ولكن ثبطنا عن ذلك ما عرفت والعجب من صاحب المدارك انه لم يذكر من اخبار المنع في هذا المقام الا صحيحة علي بن مهزيار الواردة في وبر الأرانب وصحيحة محمد بن مسلم التي لا يستفاد منها أزيد من رجحان الترك ثم قال وبزاء هاتين الروايتين اخبار كثيرة دالة على الجواز ثم ذكر صحيحة الحلبي وصحيحة علي بن يقطين وصحيحة جميل المتقدمات ثم قال قال المصنف رحمه الله في المعتبر واعلم أن المشهور بين الأصحاب المنع مما عدى السنجاب ووبر الخز والعمل به احتياط في الدين ثم (ان المصنف) قال بعد ان أورد روايتي الحلبي وعلي بن يقطين وطريق هذين الخبرين أقوى من تلك الطرق ولو عمل بهما عامل جاز وعلى الأول عمل الطاهرين من الأصحاب منظما إلى الاحتياط للعبادة قلت ومن هنا يظهر ان قول المصنف رحمه الله أصحهما المنع غير جيد ولو قال أشهرهما المنع كما ذكره في النافع كان أولى والمسألة قوية الاشكال من حيث صحة اخبار الجواز واستفاضتها واشتهار القول بالمنع بين الأصحاب بل اجماعهم عليه بحسب الظاهر وان كان ما ذكره في المعتبر لا يخلو من قرب انتهى كلام صاحب المدارك ولا يخفى ما فيه بعد ما عرفت من شذوذ اخبار الجواز وموافقتها للعامة فلا تصلح لمعارضة الأخبار المستفيضة الدالة على المنع بقي الكلام في الفنك والسمور والحواصل التي وقع التعرض لحكمها بالخصوص في الاخبار واما الفنك فهو كما عن المصباح المنير نوع من الثعلب الرومي وعن الصحاح الذي يتخذ منه الفراء وعن القاموس دابة فروتها أطيب أنواع الفراء وعن التحفة ان جلده يكون أبيض وأشقر وأبلق وحيوانه أكبر من السنجاب ويؤخذ من بلاد الروس والترك وكيف كان ففي جملة من الأخبار المتقدمة نفي الباس عنه ففي صحيحة أبي علي بن راشد فصل في الفنك و السنجاب واما السمور فلا تصل فيه وفي مكاتبة يحيى بن أبي عمران التي وقع فيها السؤال عن السنجاب والفنك والخز صل فيه وفي خبر علي بن جعفر الذي وقع فيه السؤال عن لبس السمور والسنجاب والفنك لا تلبس ولا تصل فيه الا ان يكون ذكيا وفي رواية سفيان بن السمط التي وقع فيها السؤال عن الفنك يصلي فيه فكتب لا باس به و في خبر الوليد بن ابان أصلي في الفنك والسنجاب قال نعم وفي صحيحة الحلبي لا باس بالصلاة فيه ولكن هذه الصحيحة موهونة بما تقدمت الإشارة إليه مرارا من غلبة الظن بكونها جارية مجرى التقية واما ما عداها من الاخبار فاحتمال كونها تقية في غاية البعد لاشتمال كثير منها على المنع عن الثعالب وغيرها مما ينافي التقية وبإزاء هذه الأخبار جملة من الروايات المتقدمة في المباحث السابقة التي يستظهر أو يستشعر منها المنع كموثقة ابن بكير التي كادت تكون صريحة في المنع عنه بلحاظ كونه مذكورا في السؤال ورواية بشر بن بشار التي وقع فيها السؤال عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل فأجيب بقوله عليه السلام صل في السنجاب و الحواصل الخوارزمية ولا تصل في الثعالب والسمور فان في الاقتصار على الرخصة في السنجاب والحواصل دلالة على إرادة المنع عن ما عداهما مما وقع في السؤال وان لم يصرح بالمنع عنه كما في السمور والثعالب وخبر محمد بن علي بن عيسى المروي عن مستطرفات السرائر الذي وقع فيه السؤال عن الصلاة في الوبر اي أصنافه اصلح فأجاب عليه السلام لا أحب الصلاة في شئ منه إلى أن قال بعد ان بين السائل كونه مضطرا إلى لبس الوبر تلبس الفنك والسمور فإنه كالصريح في عدم جواز الصلاة فيه لغير الضرورة من التقية ونحوها بناء على إرادة المنع من نفي الحب فيه ووقوع التعبير بذلك لأجل التقية ولكنك خبير بان دعوى استفادة الحرمة مما عدى الموثقة في غير محلها فضلا عن عد مثل هذه الروايا معارضته للاخبار المصرحة بنفي الباس عنه فعمدة ما يستفاد منه المنع هي موثقة ابن بكير وقد عرفت عند التكلم في السنجاب ان هذه الموثقة أيضا قابلة للتخصيص أو التأويل بالنسبة إلى بعض ما جرى ذكره في السؤال كما في السنجاب فهي أيضا لا تصلح لمعارضة الأخبار الخاصة ولذا قال كاشف اللثام على ما حكى عنه لم اظفر بخبر معارض للجواز في خصوص الفنك ومن هنا قد يقوى في النظر القول بالجواز كما عن الصدوق في المقنع والأمالي ان من دين الإمامية الرخصة في السنجاب والفنك والسمور ولكن الأحوط بل الأقوى المنع لوهن اخبار الجواز باعراض المشهور فان التعويل عليها بعد اعراض الأصحاب عنها في غاية الاشكال خصوصا مع استفاضتها وصحته غير واحد منها وصراحتها في المدعى وسلامتها عن معارض مكافؤ فان ما اعرضوا عنه كلما ازداد قوة من حيث السند والدلالة ازداد هنا بهذا ولكن الانصاف ان الاغماض عن مثل هذه الأخبار بمجرد ذلك أشكل فان اعراضهم لا يوجب الوهن فيها من حيث السند بع استفاضتها واشتهارها بين الأصحاب من حيث الصدور فغاية ما يمكن
(١٣٥)