هذا النحو من الحيوانات واجرائها ولو في اقسامها المستحدثة الغير المتعارفة فليتأمل الرابع مقتضى اطلاق الموثقة وغيرها من الأخبار الخاصة والعامة الناهية عن الصلاة في غير المأكول كمعاقد الاجماعات المحكية في لفرق بين كون ما يصلي فيه مما يتم الصلاة فيه وحده وبين غيره كالتكة والقلنسوة والجورب ونحوها وقد نسب القول بذلك إلى الأكثر بل المشهور خلافا للمحكى عن المبسوط والمنتهى والاصباح فالكراهة ولكن عن الأخير تقييدها بما إذا لم يكن هو اي وبر ما لا يؤكل لحمه المعمول تكة ونحوها أو المصلي رطبا فكأنه يلتزم بالمنع على تقدير الرطوبة فلا يبعد ان يكون ذلك مبنيا على القول بنجاسة الأرانب والثعالب التي هي عمدة ما يتعلق به النظر في هذا الباب وعن أبي حمزة انه قسم ما لا يتم فيه الصلاة منفراد إلى ما تكره فيه وعد منها التكة والجورب والقلنسوة المتخذات من شعر الأرنب والثعلب وما لا تكره فيه وعد منها الثلاثة من غير ما ذكر ربما يظهر من المدارك اختيار الجواز حيث قال اختلف الأصحاب في التكة والقلنسوة المعمولتين من وبر غير المأكول فذهب الأكثر ومنهم الشيخ في النهاية إلى المنع منهما لما سبق في الجلود وقال في المبسوط بالكراهة ومال إليه في المعتبر تعويلا على الأصل ورواية محمد بن عبد الجبار السابقة واستضعافا للاخبار المانعة وهو غير بعيد الا ان المنع أحوط انتهى ونقل في محكى المختلف عن الشيخ الاستدلال على الجواز كما ذهب إليه في المبسوط بأنه قد ثبت للتكة والقلنسوة حكم مغائر لحكم الثوب من جواز الصلاة فيهما وان كانا نجسين أو من حرير محض فكذا يجوز لو كانا من وبر الأرانب وغيرها انتهى ونوقش فيه بأنه قياس لا نقول به كما نوقش في الاستدلال بالأصل بانقطاعه بالدليل ويدفعه ان الشيخ رحمه الله على ما يظهر من سبل الاستدلال جعل جواز الصلاة في التكة و القلنسوة إذا كانا نجسين أو من حرير محض كاشفا عن أن مراد الشارع بكل شئ نهى عن الصلاة فيه على الاطلاق في محاوراته انما هو إرادة ذلك الشئ إذا كان ثوبا يتم فيه الصلاة وحده لا مثل التكة والقلنسوة فلا ربط لهذا الاستدلال بالقياس بل مرجعه إلى ادعاء استكشاف مراد الشارع في خصوص المورد من استقراء النواهي الشرعية المطلقة الواردة في الحرير وفي أبواب النجاسات على كثرتها حيث علم في تلك الموارد بقرينة منفصلة ان مراده بما يصلي فيه ما عدى مثل التكة وأشباهها فيكشف ذلك عن أن هذا المعنى متعارف في محاوراته مضافا إلى شهادة بعض الأخبار النافية للباس عما لا تجوز الصلاة فيه وحده بصدق هذه الدعوى مثل ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كلما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا باس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون في السراويل ويصلي فيه فان مقتضى عموم قوله عليه السلام كلما لا تجوز الصلاة فيه الخ انما هو جواز الصلاة في كل شئ من شانه عدم جوازها فيه لو كان مما يتم فيه الصلاة ويؤكد عمومه الجمع في مقام التمثيل للقاعدة بين الخف وغيره حيث إن احتمال مانعية الخف عن الصلاة بحسب الظاهر انما هو بلحاظ كونه من جلد الميتة أو متنجسا أو من غير المأكول فذكره في عداد الأمثلة ينفي احتمال كونه مسوقا لبيان ضابطه في خصوص الحرير ويجعله كالنص في العموم فهو بظاهره مسوق لبيان اختصاص الشرائط المعتبرة في لباس المصلي من عدم كونه متنجسا أو حريرا أو متخذا من جلد الميتة أو من غير مأكول اللحم بما إذا كان مما يتم فيه الصلاة وحده فهذا الخبر بمدلوله اللفظي ناظر إلى الأدلة المانعة عن الصلاة في الأشياء المزبورة فلا يصلح لمعارضتها شئ من الأخبار الدالة على المنع عن تلك الأشياء على الاطلاق وان كانت النسبة بينه وبين كل واحدة من تلك الأخبار كموثقة ابن بكير المتقدمة ونحوها العموم من وجه لان الحاكم مقدم على المحكوم عليه على كل حال فلا يلاحظ بينهما النسبة كما تقرر في محله فهذه الرواية من أقوى ما يمكن ان يستدل به للقول بالجواز ويدل عليه أيضا صحيحة محمد بن عبد الجبار كما أشرنا إليه في المدارك في عبارته المتقدمة قال كتبت إلى أبي محمد عليه السلام هل يصلي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة من وبر الأرانب فكتب لا تحل الصلاة في الحرير المحض وان كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه ولكن الاستدلال بهذه الصحيحة بمني على ما هو المشهور من في لفرق بين وبر الأرانب وغيرها مما لا يؤكل لحمه والا فلا تدل بالنسبة إلى وبر غير الأرانب الا على نفى الباس عن المحمول وهو خارج عن محل الكلام ولكنك ستعرف في لفرق بين الأرانب وغيرها فلا قصور في دلالتها على المدعى ويؤيدها ما في كشف اللثام عن بعض الكتب مرسلا عن الرضا عليه السلام وقد تجوز الصلاة فيما لم تنبته الأرض ولم يحل اكله مثل السنجاب والفنك والسمور والحواصل إذا كان فيما لا يجوز في مثله وحده الصلاة ولكن يعارضها خبر علي بن مهزيار قال كتب إليه إبراهيم بن عقبة عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية فكتب لا تجوز الصلاة فيها ونحوه رواية أحمد بن إسحاق الأبهري وخبر إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت إليه يسقط على ثوبي الوبر والشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية ولا ضرورة فكتب لا تجوز الصلاة فيه وهذه الأخبار وان كانت مضمرة لكنها معتضدة بموافقة المشهور ومخالفة الجمهور مع أن احتمال كون المكتوب إليه غير المعصوم في غاية البعد خصوصا في خبر علي بن مهزيار فيشكل رفع اليد عنها بعد الاعتضاد بما عرفت وربما يؤيدها أيضا ما يستشعر من بعض الأخبار المتقدمة الواردة في شعر الانسان وغيره من معروفية المنع عن استصحاب اجزاء غير المأكول لدى الشيعة من صدر الشريعة فلا يكافؤها الصحيحة المتقدمة فإنها وان كانت أقوى من حيث السند ولكنها موهونة بمخالفة المشهور وموافقة الجمهور مع ما فيها من القرائن الداخلية والخارجية المورثة لغلبة الظن بصدورها نفية فان ما تضمنها من المنع عن الحرير المحض مطلقا حتى في مثل التكة التي وقع عنها السؤال كما يقتنيه اطلاق الجواب والرخصة في الصلاة في الوبر مشروطا بالذكاة موافق للمحكي عن أحمد بن حنبل الذي شاعت التقية منه في زمان العسكري عليه السلام على ما قيل وفي الأخبار المتقدمة وغيرها أيضا شهادة بكون المورد مظنة للتقية فيشكل الاعتماد على مثل هذه الصحيحة على تقدير سلامتها عن المعارض حيث إنها شبيهه بقول الناس وقد أمرنا في بعض الأخبار بطرح ما يشبه قولهم فهي لا تصلح لتخصيص العمومات فضلا عن مكافئة الأخبار الخاصة وكذا لا يعارض تلك الأخبار رواية الحلبي المتقدمة لكونها أخص مطلقا من تلك الرواية ولو نوقش في هذه الأخبار بالاضمار لاتجه الالتزام بجواز الصلاة فيما لا يتم فيه الصلاة منفردا اخذ باطلاق تلك الرواية ولكن لا يستفاد من تلك الرواية الا نفي الباس عن مثل التكة وأشباهها
(١٢٥)