محله وفيه ان القبلة شرط في جميع اجزاء الصلاة فلابد من كونها محرزة حال الصلاة من أولها إلى اخرها فمعرفتها قبل الصلاة مقدمة لكونها محرزة حال التلبس باجزائها فوقت احرازها بالنسبة إلى كل جزء جزء من حيث هو ليس الا عند إرادة الاتيان بذلك الجزء فما لم يتحقق الفراغ من اجزاء الصلاة لا يتجاوز وقت احراز القبلة بالنسبة إلى الجزء الباقي هذا مع أن العبرة بتجاوز محل الشئ لا محل احرازه نعم قد يقوي في النظر في لالتفات إلى الشك في الشرط بعد التلبس بالصلاة إذا كان الشرط من قبيل الطهارة المنتزعة من فعل الوضوء المتقدم بالرتبة على الصلاة ولكن الأقوى فيه أيضا ما عرفت فالأظهر وجوب تجديد الاجتهاد في الأثناء فان وافق الاجتهاد الأول استمر وان خالفه يسيرا استقام وأتم وان كان كثيرا استأنف وقال في الجواهر وان خالفه كثيرا كان كظهور الخطأ بالاجتهاد بعد الفراغ الذي ستسمع الكلام فيه وانه عندنا لا ينقض السابق فيتمها حينئذ على الأخير ولا إعادة انتهى أقول وستعرف انا لو قلنا بعدم انتقاض الاجتهاد السابق باللاحق فإنما هو فيما لو ظهر الخطاء بالاجتهاد بعد الفراغ واما في الأثناء فينتقض لا محالة حيث يتولد بالعمل بمقتضى الاجتهادين العلم التفصيلي بوقوع بعض هذه الصلاة إلى غير القبلة فتفسد إذ لا صلاة الا إلى القبلة الا ان يكون مخطأ في تشخيصها ولم ينكشف خطائه الا بعد خروج الوقت كما عرفت فيما سبق لا في مثل المقام الذي علم بوقوعها فاقدة للشرط قبل خروج وقتها ولو توقف الاجتهاد بعد عروض الشك على قطع الصلاة قطعها تحصيلا للقبلة التي هي شرط فيها وقد يقال في مثل الفرض بوجوب المضي للنهي عن ابطال العمل واستصحاب حرمة القطع ووجوب المضي وغير ذلك مما يأتي الكلام فيه مفصلا مع بيان ضعفه في احكام القواطع إن شاء الله ويجوز اتمامها بانيا على الفحص فان صادفت ما يقتضيه تكليفه فهو والا أعادها بل هذا هو الأحوط وأحوط منه الاتمام ثم الإعادة مطلقا ولكن هذا ان لم نقل باعتبار الجزم حال الفعل كما هو المختار والا تعين القطع كي يكون جازما حين الإعادة بصحة العمل ومطلوبيته شرعا كما هو واضح وان لم يتجدد عند شك ولكن عثر على امارة أوثق مما عول عليه أو احتمل حدوث امارة كذلك احتمالا يعتد به فهو أيضا كم لو عرضه الشك وجب عليه الفحص عن حالها إذ لا يصدق اسم التحري والاجتهاد الذي ورد به في النصوص الا بذلك نعم لو كان ذلك في أثناء الصلاة وتوقف الفحص والتحري على قطعها أمكن الالتزام بعد الالتفات إليه ما لم يكن مؤثرا في زوال ظنه إذ لا ينسبق إلى الذهن من الأدلة ابتناء امر الاجتهاد على هذه المرتبة من التضيق بل امره أوسع من ذلك على ما يتبادر من أدلته والله العالم ولو كان تجدد الشك بعد الصلاة فاجتهد لصلاة أخرى فخالف اجتهاده اللاحق الاجتهاد السابق كثيرا فإن كان ذلك بعثوره على امارة معتبرة في حد ذاتها كالبينة وخبر الثقة بناء على اعتباره في الموضوعات كما نفينا البعد عنه عند التكلم في اعتباره فهو كما لو تبين خطاء الاجتهاد السابق بالامارات المفيدة للعم بجهة القبلة وقد عرفت فيما سبق انه يجب عليه في مثل الفرض إعادة الصلاة في الوقت لا في خارجه واما ان كان بشئ من الظنون الاجتهادية التي جاز له التعويل عليها عند تعذر العلم حقيقة أو حكما كما لو رأى مثلا قبرا فظن أولا كون أحد طرفيه رأسه ثم ظنه ثانيا بأنه رجليه لم ينتقض بذلك اثر الاجتهاد الأول فلا يعيد صلاته السابقة على الأشبه فان غاية ما يمكن استفادته من الأدلة انما هو اعتبار الظن بالقبلة في احرازها لما يجب الاستقبال له عند تعذر العلم بمعنى اكتفاء الشارع في مقام امتثال الامر بالاستقبال بالامتثال الظني عند تعذر العلم مشروطا بعدم انكشاف خلافه في الوقت وهذا لا يقتضي كون الظن طريقا تعبديا لاثبات متعلقه على الاطلاق بحيث يرفع به اليد عن مقتضيات الأدلة والأصول المعتبرة المنافية له كالبينة ونحوها مما جعلها الشارع كالعلم في اثبات متعلقاتها بل حال الظن بالقبلة حال الظن بالأحكام الشرعية على القول بحجيته بحكم العقل عند انسداد باب العلم بالاحكام في أنه يجب الاقتصار في التعويل على الظن على مورد انسد فيه باب العلم ولم يكن هناك أصل أو دليل معتبر والا فالمرجع هو ذلك الأصل أو الدليل دون الظن فالصلاة الواقعة حال الاجتهاد الأول صلاة فرغ منها فهي محكوم بصحتها ما لم يعلم بفسادها حقيقة أو حكما اي بدليل معتبر لقاعدة الصحة وكون الظن بالقبلة حجة في تشخيص القبلة لا يستلزم كونه حجة في اثبات كون الصلاة الواقعة فيما سبق مستدبر القبلة لجواز التفكيك بين الظنون فالأول ظن معتبر والثاني لا دليل على اعتباره فلا يلتفت إليه في مقابل اصالة الصحة ان قلت سلمنا ذلك ولكن بعد ان صلى العصر مثلا بالاجتهاد الثاني إلى عكس الحقه التي صلى الظهر إليها يعلم اجمالا قبل خروج وقت الصلاتين بوقوع إحديهما إلى دبر القبلة فهي باطلة يجب عليه اعادتها ولا يجري اصالة الصحة بعد العلم الاجمالي باشتمال احدى الصلاتين على خلل كما لا يخفى قلت لا اثر لمثل هذا العلم الاجمالي الذي أحد طرفيه مورد تكليف منجز لأنه بالفعل مكلف بالصلاة إلى الجهة التي أدى إليها اجتهاده الثاني سواء كانت قبلة في الواقع أم لم تكن فلو وجب عليه الاحتياط بإعادة الصلاتين بواسطة العلم الاجمالي لوجب اعادتها إلى هذه الجهة فلا مقتضى لإعادة ثانيتهما حيث إن معادتها ليست الا كالمبتدأة فهي بالفعل في حقه بحسب تكليفه هي الصلاة إلى القبلة الواجبة عليه وقد علم قبل الشروع فيها بأنه لو صلاها لكانت هي أو سابقتها إلى خلاف القبلة ولم يكن علمه بذلك مانعا عن كونه بالفعل مكلفا بالصلاة إلى هذه الجهة فكيف يكون بعد الخروج مقتضيا لإعادتها والحاصل انه لا اثر للعم الاجمالي بالنسبة إلى الصلاة الثانية لأنها صلاة وقعت موافقة لتكليفه الفعلي فهي محكومة بالصحة لذلك لا لقاعدة الصحة أو الشك بعد الفراغ فهاتان القاعدتان بالنسبة إلى الصلاة الأولى سليمتان عن المعارض وبهذا يندفع ما قد يتوهم من أنه يتولد من علمه الاجمالي بوقوع احدى الصلاتين إلى غير القبلة العلم بوقوع خلل في الثانية إذا كانتا مترتبتين كالمؤداتين أو المقضيتين اما من حيث الاستقبال أو الترتب على سابقة صحيحة توضيح الاندفاع انه لا عبرة بهذا العلم بعد جريان اصالة الصحة في السابقة الموجبة لشرعية الدخول في اللاحقة والاتيان بها إلى الجهة التي امره الشارع بالبناء على كونها قبلة نعم لولا جريان اصالة الصحة في السابقة لم يكن يشرع له الدخول في اللاحقة لا لكونه من اثار العلم
(١١٦)