فقال الرجل انه علاجي وليس أحد اعرف به مني فتبسم أبو عبد الله عليه السلام ثم قال له أتقول انه دابة تخرج من الماء أو تصاد من الماء فتخرج فإذا فقدت الماء ماتت فقال الرجل صدقت جعلت فداك هكذا هو فقال له أبو عبد الله عليه السلام فإنك تقول انه دابة تمشي على اربع وليس هو على حد الحيتان فتكون ذكاته خروجه من الماء فقال له الرجل اي والله هكذا أقول فقال له أبو عبد الله عليه السلام فان الله تعالى أحله وجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها واصرح من ذلك في الدلالة على في لفرق بين الوبر والجلد صحيحة سعد بن سعد قال سئلت الرضا عليه السلام عن جلود الخز فقال هو ذا نحن نلبس فقلت ذاك الوبر جعلت فداك فقال إذا حل وبره حل جلده وهذه الصحيحة وان كانت صريحة في نفي الباس عن الجلد وعدم الفرق بينه وبين الوبر ولكنها غير صريحة في ارادته حال الصلاة فمن هنا قد يناقش في دلالتها على المدعى بدعوى انها لا تدل الا على جواز لبسه وهو لا يستلزم جواز الصلاة فيه وقد يجاب عن ذلك بان مقتضى اطلاق قوله عليه السلام إذا حل وبره حل جلده جواز الصلاة في جلده أيضا لان لبس وبره في الصلاة حلال نصا واجماعا فكذا جلده بمقتضى الاطلاق وفيه نظر إذ الظاهر أن الكلام مسوق لبيان الملازمة بين حلية الوبر والجلد من حيث الذات لا بحسب الأحوال اللهم الا ان يقال إن معروفية المنع عن الصلاة في غير المأكول ومعهوديته في الشريعة يوجب صرف السؤال عن الجلود إلى إرادة لبسها حال الصلاة ولا أقل من كون لبسها في هذه الحالة ملحوظة في مقام السؤال والجواب ولا ينافيه الاقتصار في الجواب على قوله عليه السلام هو ذا نحن نلبس فان ما اتخذه الإمام عليه السلام لباسا كان يصلي فيه بحسب العادة هذا مع امكان ان يقال إن الباعث على السؤال عن الجلود بحسب الظاهر على ما هو المنساق إلى الذهن عند السؤال عنها اما احتمال نجاستها بلحاظ كونها متخذة من الميتة وكونها من اجزاء كلاب الماء المحتمل نجاستها عينا بلحاظ اندراجها في مسمى الكلب أو احتمال المنع عنها تعبدا بلحاظ كونها من اجزاء غير المأكول اما الجهة الأولى فغير ملحوظة في هذه الرواية والا لم يكن يعلق حل الجلد على حمل الوبر إذ لا ملازمة بينهما فان جلد الميتة نجسة لا يحل استعماله دون وبرها بل وكذا الاحتمال الثاني اي كونها نجس العين كسائر الكلاب إذ لا يبقى محال لهذا الاحتمال بعد تعارف لبسها بين المسلمين والعلم بطهارة وبرها ومشاهدة كونه ملبوس الإمام عليه السلام فالملحوظ فيها بحسب الظاهر لم يكن الا الجهة الثالثة والمتبادر من السؤال عن الجلود من هذه الجهة إرادة لبسها في الصلاة لما أشرنا إليه من أن معهودية المنع عن الصلاة في اجزاء ما لا يؤكل لحمه في الجملة توجب صرف السؤال عن شئ منها إلى الجهة التي فيها مظنة المنع لا مطلق لبسه الذي لا منشأ لتوهم المنع عنه من غير جهة نجاسة فليتأمل واستدل له أيضا بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سئل أبا عبد الله عليه السلام رجل وانا عنده عن جلود الخز فقال ليس بها باس فقال الرجل جعلت فداك انها في بلادي وانما هي كلاب تخرج من الماء فقال أبو عبد الله عليه السلام إذا خرجت من الماء تعيض خارجه من الماء فقال الرجل لا قال لا باس ونوقش في هذه الصحيحة أيضا بأنه ليس فيها تصريح بالصلاة ويمكن دفعه بان المتبادر من نفي الباس عن جلود الخز إرادة نفي الباس عن الاستعمالات المتعارفة في نوعه فكما يفهم من ذلك نفي الباس عن لبسه مع عدم وقوع التصريح باللبس أيضا فكذلك يفهم منه جواز اتخاذه ثوبا شتويا على حد ساير ثيابه التي يصلي فيها كما هو المتعارف في نوعها فلو كان جوازه مخصوصا بغير حال الصلاة لم يكن يحسن اطلاق نفي الباس في مقام الجواب نعم لو كان السؤال متعلقا بخصوص لبسه لأمكن دعوى ان اطلاق الجواب منزل عليه من حيث هو ولكنه ليس كذلك بل السؤال تعلق بنفس الجلود بلحاظ استعمالاتها المتعارفة ومن الواضح ان اتخاذها ثوبا شتويا يصلي فيه من أوضح مصاديقها المتعارفة وان أبيت الا عن الخدشة في دلالة هذه الصحيحة وسابقتها فلا أقل من كونهما مؤيدتين لغيرهما من الأخبار المتقدمة مع اعتضاد الجميع بالاخبار الدالة على جواز الصلاة في وبره فان ثبوت الرخصة في الوبر مما يقرب نفي الباس عن جلده أيضا لاشتراكهما فيما يقتضي المنع اي كونه من اجزاء مالا يؤكل لحمه فالأقوى ما نسب إلى المشهور من جواز الصلاة في جلده أيضا كوبره بل قد يستفاد من خبر ابن أبي يعفور الجواز في باقي اجزائه ولعل عدم ذكر الأصحاب ذلك لعدم تعارف استعمال ما عداهما فالقول به لا يخلو عن قوة بل ربما يظهر من الخبر المزبور كونه مما يحل اكله ولكنه يشكل الاعتماد على هذا الظاهر لمخالفته للمشهور بل المجمع عليه فإنه لم ينقل الالتزام به عن أحد نعم ذهب صاحب الحدائق إلى حلية صنف منه ونزل الرواية عليه مستشهدا لذلك ببعض الاخبار التي تحقيقها موكول إلى محله وقد ذكر جماعة من علمائنا على ما في الوسائل انه ليس المراد هنا حل لحمه بل حل استعمال جلده ووبره والصلاة فيهما أقول إرادة هذا المعنى غير بعيد عن سوق الرواية وكيف كان فلا يعارض هذه الأخبار ما عن الاحتجاج مما كتبه محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى الناحية المقدسة روى عن صاحب العسكر انه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغش بوبر الأرانب فوقع يجوز وروى عنه أيضا انه لا يجوز فأي الامرين نعمل به فأجاب عله السلام انما حرم في هذه الأوبار والجلود فاما الأوبار وحدها فحلال و عن نسخة حلال كلها لقصورها عن المكافئة من وجوه مع معارضتها بغيرها من الأخبار الناهية عن الصلاة في وبر الأرانب عموما وفيما وقع فيه السؤال بالخصوص فيجب رد علمها إلى أهله واضعف من ذلك ما عن كتاب البحار نقلا عن كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم أنه قال فيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تصلي في ثوب مما لا يؤكل لحمه ولا يشرب لبنه فهذه جملة كافية من قول رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يصلي في الخز والعلة في أن لا يصلي في الخز ان الخز من كلاب الماء وهي مسوخ الا ان يصفي وينقى إلى أن قال وعلة ان لا يصلي في السنجاب والسمور الفنك قول رسول الله صلى الله عليه وآله المتقدم وعن الحلبي رحمه الله انه بعد نقل الخبر المزبور قال لعل مراده عدم جواز الصلاة في جلد الخز بقرينة الاستثناء وقد تقدم القول في الجميع انتهى أقول مضافا إلى عدم وضوح حال هذا الكتاب لدينا انه لم يظهر منه كون ما تضمنه من حكم الخز والسنجاب نقلا للرواية بل ظاهره كونه مما استنبطه مصنف هذا الكتاب باجتهاده مما نقله من قول رسول الله صلى الله عليه وآله و من غيره مما دل على المنع عن الصلاة في المسوخ فكأنه زعم اختصاص المنع بالجلد دون الوبر وبالشعر بعد تصفيته وتنقيته مما عليه من الأجزاء الصغار الملتصقة بأصولهما
(١٢٩)