لأنا نقول علم جواز استعمالها في غير الصلاة بما ليس موجودا في الصلاة فثبت لها هذا الاستعداد لأنا ما تصح معه الصلاة فلا يلزم من الجواز هناك لوجود دلالة الجواز هنا مع عدمها انتهى وفي المدارك بعد ان حكى عن المعتبر الاستدلال المزبور قال وهو غير جيد اما أولا فلان الذكاة ان صدقت فيه أخرجته عن الميتة والا لم يجز الانتفاع به مطلقا واما ثانية فلان الذكاة عبارة عن قطع العروق المعينة على الوجه المعتبر شرعا واطلاق الروايات يقتضي خروج الحيوان عن كونه ميتة بذلك الا فيما دل الدليل على خلافه كما سيجئ تحقيقه إن شاء الله تعالى وبالجملة فهذا الاعتبار قاصر والروايات اي اخبار الباب لا تخلو من ضعف ندا وقصور دلالة والمسألة محل اشكال انتهى أقول لم يورد في المدارك من اخبار الباب عدى موثقة ابن بكير وصحيحة إسماعيل فغرضه بما ذكره أخيرا الخدشة في الموثقة بضعف السند وفي الصحيحة بقصور الدلالة حيث إنها لا تدل الا على المنع عن جلود السباع والمدعى أعم من ذلك فاستشكاله في المسألة بحسب الظاهر انما هو في عموم الحكم واطراده بالنسبة إلى غير السباع واما الوجه الاعتباري الذي استدل به في محكى المعتبر على المنع عن السباع فهو ان تم ففي غير السباع أيضا يتجه الاستشهاد به ولذا عده في المدارك من الأدلة التي يستدل بها للمدعى على عمومه ولكنه غير تام فإنه مع ابتنائه على قاعدة المقتضي التي قد تحقق في محله ضعفها يتوجه عليه ما أشار إليه في المدارك ووافقه جل من تأخر عنه تبعا للمحكى عن الذكرى من أنه لا واسطة بين المذكي والميتة عرفا وشرعا فان صدقت الذكاة عند ذبحه على الوجه المعهود في الشريعة لا يصدق عليه اسم الميتة والا فهو ميتة يجري عليه جميع احكامها وتعرف إن شاء الله في محله ان ما اعترضه في المدارك عليه ثانيا من أن الذكاة عبارة عن الذبح على الوجه المعهود فالمذبوح على ذلك الوجه مذكي يجري عليه احكامه الا ان يدل دليل على خلافه أيضا لا يخلو عن وجه بمعنى ان الأصل في الحيوان قبوله للتذكية الا ان يدل دليل على خلافه وقد ظهر بما ذكر ضعف ما قد يقال في تشييد الدليل المزبور من اعتضاده بأصالة عدم التذكية وبانحصار التذكية في مأكول اللحم في ظاهر خبر علي بن أبي حمزة المتقدم سابقا وبحصر المحرمات في الآية الشريفة في الميتة والدم ولحم الخنزير فان مقتضاه كون غير مأكول اللحم مطلقا ولو مع التذكية مندرجا في موضوع الميتة والا لم يكن الحصر حاصرا توضيح الضعف انه لا مسرح للتشبث بأصالة عدم التذكية بعد العلم بذبح الحيوان على الوجه المعتبر شرعا وتأثيره في طهارته وحل جملة من الانتفاعات التي يتوقف حلها نصا واجماعا على عدم كونه ميتة فهو قابل للتذكية بلا شبهة والا لما اثرت فيه الطهارة وحل الانتفاع كما ذي ذباحة الادمي وفي ذيل الموثقة المزبورة إشارة إلى قبول غير المأكول للتذكية في الجملة كما لا يخفى ودعوى ان القدر المتيقن انما هو قبوله للتذكية بالنسبة إلى بعض الأحكام لا مطلقا مدفوعة بان قبول الحيوان للذكية امر بسيط لا تركب فيه فالحيوان المفروض اما قابل للتذكية أم لا فإن كان الذبح المعهود المسمى في عرف الشارع والمتشرعة بالتذكية مؤثرا في طهارته وجواز الانتفاع به ولو في الجملة فهو قابل للتذكية فمتى تعلقت الذكية به صدق عليه انه مذكي فلا يلحقه شئ من احكام الميتة لأنها في اطلاقات الشارع والمتشرعة قيمة المذكي هذا مع أن المنع عن الصلاة في غير المأكول ليس من اثار صيرورته بالموت ميتة حتى يتشبث لاثباته بأصالة عدم التذكية والا لاختص المنع بما تحله الحياة منه دون الشعر والصوف ونحوهما مع أنك ستعرف في لقول بالفصل بين الجلد والشعر ونحوه وان المنع متعلق به من حيث هو كالمنع عن اكله سواء ذكاه الذبح أم لم يذكه فما ذكره المصنف رحمه الله في عبارته المتقدمة من أن خروج الروح من الحي سبب الحكم بموته الذي هو سبب المنع من الانتفاع بالجلد لا يخلو عن نظر إذ لولا ذاته من حيث هو مقتضيا للمنع فلا يقتضي خروج روحه بالذبح على الوجه المقرر في الشريعة ذلك وانما يقتضيه لو كان خروج الروح بغير ذلك بالوجه هذا كله في جريان اصالة في لتذكية فيما إذا كان الشك ناشئا من كون الحيوان قابلا للتذكية بحيث تحقيقه موكول إلى محله واما خبر علي بن أبي حمزة فالظاهر أن المقصود به بيان ما أريد بالذكي في خصوص المورد فكان الإمام عليه السلام حيث سئله السائل عن لباس الفراء نزل سؤاله على ما هو الغالب من اتخاذها من جلد مأكول اللحم فرخص في الصلاة فيها مشروطة بالتذكية من غير تقييدها بكونها من مأكول اللحم اعتمادا على الغلبة فتوهم السائل من ذلك اطلاق سببية الذكاة لحل الصلاة في الفراء من غير اشتراطها بشئ فاستفهم عما أريد منها وقال أوليس الذكي ما ذكى بالحديد فقرره الإمام عليه السلام على ذلك وبين اختصاصه بمأكول اللحم ويشهد لإرادة ما ذكرناه من الرواية ما أشرنا إليه انفا من أنه يظهر من تتمة الرواية ان المراد بالتخصيص بالمأكول في صدرها الاحتراز عن خصوص السباع لا غير وان ما عداها كالمأكول فهذا بنفسه دليل على أن ما وقع في الرواية تفسيرا للذكي لم يرد منه الا شرح ما أريد منه في صدر الكلام لا تفسيرا لمفهومه من حيث هو مضافا إلى الأخبار الدالة على قبول سائر الحيوانات التي لا يؤكل لحمها من السباع وغيرها في الجملة للتذكية واما الآية فليس الحصر فيها حقيقيا كما هو واضح وانما أريد بها بيان حرمة المذكورات وقصر الحرمة عليها بالإضافة إلى بعض الأشياء التي كانت محل توهم الحرمة لا مطلقا وقد ظهر بما ذكر أيضا ضعف ما قد يقال في توجيه الدليل المزبور من أن الميتة كالميت اسم لمطلق ما زهق روحه سواء كان بالتذكية أو بغيرها وقد جعل الشارع حكمها حرمة الانتفاع مطلقا في الصلاة وفي غيرها وما دل على جواز الانتفاع بالمذكي مطلقا أو في الجملة أخص مطلقا من دليل حرمة الانتفاع فيخصص به عموم ذلك الدليل ولم يثبت بالنسبة إلى غير المأكول تخصيصه الا فيما عدى الصلاة توضيح الضعف ان المتبادر من الميتة في عرف المتشرعة واطلاقات الشارع ليس الا ما يقابل المذكي فما ورد في كلمات الشارع من أن الميتة لا ينتفع بشئ منها لا اهاب ولا عصب أو انه لا تجوز الصلاة في جلد الميتة أو يحرم اكلها لا يفهم منه الا إرادة ما يقابل المذكي لا الأعم كي يدعى انها مخصصة بما دل على جواز الانتفاع بالمذكي ولعل هذا من الضروريات التي لا مجال للارتياب فيه ولذا أومأنا إلى ابتناء كلام المصنف رحمه الله على أن الموت مقتضى للمنع عن الانتفاع والتذكية مانعة عن تأثيره فيترتب اثر المقتضى عليه ما لم يحرز وجود المانع أو مانعية لا على ادعاء استفادة عموم المنع من الأدلة اللفظية والا ففساده واضح وكيف كان فالذي ينبغي ان يقال في تحقيق المقام ان غير مأكول اللحم ان كان من السباع فلا اشكال بل لا خلاف على الظاهر في عدم جواز الصلاة في جلده وقد استفيض نقل الاجماع عليه و يشهد له مضافا إلى ذلك جميع الأخبار المتقدمة عموما وخصوصا ويدل عليه أيضا بالخصوص رواية قاسم الخياط أنه قال سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول
(١٢٠)