انه وردت رواية بأنه إذا صلى إلى استدبار القبلة ثم علم بعد خروج الوقت وجب إعادة الصلاة وفي الجميع ما لا يخفى اما رواية معمر فهي مع ضعف سندها لا تختص بصورة الاستدبار كي تصلح شاهدة لتقييد الأخبار المتقدمة بغير هذه الصورة فهي معارضة لتلك الأخبار ولا تصلح للمكافئة مع امكان ارتكاب التأويل فيها بإرادة وقت العصر والعشاء من الصلاة الأخرى لا مطلقها أو الاستحباب كما يؤيدهما عدم وجوب ترتب الحاضرة على الفائتة على الأظهر وما قد يتوهم من أن قيام الاجماع ونحوه على عدم وجوب الإعادة بعد خروج الوقت في غير الاستدبار يجعلها بحكم الخاص المطلق فيخصص بها الأخبار المطلقة مدفوع بعد الغض عما أشرنا إليه من عدم انحصار تأويلها في إرادة الاستدبار بالخصوص حتى يكون الاجماع كاشفا عن ارادته بالخصوص ان ورود تخصيص على أحد العامين بدليل منفصل كاجماع ونحوه لا يعله بحكم الخاص المطلق في تخصيص الاخر به كي يرتفع بذلك التعارض بل العبرة في مقام التعارض بظاهر كل من الدليلين من حيث هو مع قطع النظر من المخصصات المنفصلة كما تقرر في محله فرواية معمر على تقدير صحة سندها وعدم قبولها للتأويل يتعين طرحها لأجل المعارضة ولكنك عرفت انها لا تأبى عن التأويل الغير المنافي للأخبار المتقدمة واما موثقة عمار فمع الغض عن أن المتبادر منها إرادة ما هو المتعارف من اتيان الصلاة في سعة الوقت أو في خارجه وفرض وقوعها في اخر الوقت بحيث لم يبق من الوقت بعد قطعها مقدار اعادتها ولو بأداء ركعة فرض نادر ينصرف عنه الاطلاق وعلى تقدير عدم الانصراف يتعين صرفه بقرينة ما عرفت ان المنساق إلى الذهن من الشرطيتين المتتابعتين كون الثانية تعبيرا عما يفهم من الأولى فموضوعها نقيض ما هو المذكور في الأولى فالمراد بدبر القبلة بقرينة المقابلة ما كان خارجا عما بين المشرق والمغرب وتخصيص الاستدبار بالذكر للجري مجرى العادة في مقام التعبير لا لإرادته بالخصوص واما المرسلة فهي غاية الضعف فإنها من أضعف انحاء الارسال لكونها نقلا لمضمون رواية مجهولة العين فيحتمل قويا كونها نقل مضمون موثقة عمار بحسب ما أدى إليه نظر الناقل بقي في المقام اشكال وهو انه ان كانت الصلاة الواقعة بلا استقبال صحيحة في الرواية فلا مقتضى لإعادتها في الوقت والا وجب الخروج عن عهدتها في خارج الوقت أيضا وربما يتفصى عن ذلك بان شرط الصلاة انما هو استقبال ما يراه قبلة بحسب ظنه سواء طابق الواقع أم لا لكن بشرط عدم انكشاف الخلاف قبل خروج الوقت وفيه نظر إذا الظاهر أن اعتبار الظن في المقام من باب الطريقة إلى الواقع لا الموضوعية كي يتوجه به ما ذكر كما لا يخفى على من لاحظ دليله فالأولى ان يقال في حل الاشكال بعد الغض عن أن هذه احكام توقيفية لا إحاطة لنا بالخصوصيات المقتضية لها حتى يتطرق فيها مثل هذا الاشكال خصوصا بعد الالتفات إلى أن نظير المقام في الشرعيات غير عزيز ان مطلوبية الصلاة ووجوبها على ما يستفاد من الأدلة الشرعية انما هو من قبيل تعدد المطلوب فمتى اتى بها في أول الوقت فاقدة لبعض شرائطها الاختيارية وتمكن من اعادتها بحيث لا يختل شئ من شرائطها جاز بقاء الامر المتعلق بأكمل الافراد الذي تعلق به التكليف مع الامكان واما تعذر عليه ذلك بان لم يتمكن من اعادتها الا فاقدة لهذا الشرط أو لمثله أو لما هو أهم منه في نظر الشارع فلا مقتضى لإعادتها فالصلاة الواقعة في خارج الوقت وان صادفت القبلة ولكنها انقص مما اتى به في الوقت لان خصوصية الوقت أهم لدى الشارع من رعاية الاستقبال كما يظهر ذلك في مقام دوران الامر بين ترك أحد الامرين فالصلاة الناقصة الماتى بها في الوقت فاسدة على تقدير تمكن المكلف من ايجادها في ضمن فرد كامل والا فهي في حد ذاتها أكمل مما يأتي به في خارج الوقت فلا مقتضى للامر بإعادتها وان شئت قلت شرطية الاستقبال مخصوصة بحال التمكن فالمعتقد للخلاق أو الظان به الذي تكليفه العمل بظنه غير متمكن من ذلك لكن يعتبر في سقوط الشرطية استيعاب العذر وعدم زوال جهله ما دام الوقت باقيا كما هو لأصل في كل تكليف اضطراري لم يدل دليل خاص على خلافه فان تبين الخلل وهو في الصلاة فإنه يستأنف مع سعة الوقت على كل حال الا ان يكون منحرفا يسيرا اي فيما بين المشرق والمغرب فإنه يستقيم ويمضي في صلاته ولا إعادة عليه كما يشهد لذلك مضافا إلى امكان استفادته من اطلاق الأدلة التي قد أشرنا إلى أنه يستفاد من مجموعها بعد رد بعضها إلى بعض والجمع بينها وبين غيرها من الأدلة المتقدمة عند البحث عن جهة القبلة ان ما بين المشرق والمغرب قبلة لمن لم يتمكن من تشخيصها في جهة أضيق من ذلك ولو لغفلته حال الصلاة أو اعتقاده للخلاف ولو ظنا يصح له التعويل عليه لا مطلقا وان الصلاة إلى غير القبلة باطلة فيستفاد من ذلك هذا التفصيل حيث إن ما صدر منه خطأ صادف القبلة الاضطرارية وبعد الالتفات واستبانته الخطأ يتبدل تكليفه فيستقيم ويمضي في صلاته على اشكال بالنظر إلى أن التذكر لولا الأدلة الخاصة كما يأتي التكلم فيه في نظائر المقام في احكام الخلل إن شاء الله خصوص موثقة عمار التي هي نص في المدعى ورواية القاسم بن الوليد المتقدمتين في صدر المبحث ولو ضاق الوقت عن الاستيناف ولو بأداء ركعة استقام ومضى في صلاته حتى مع الاستدبار لكن يشترط ان يكون المضي في الصلاة موجبا لادراك الوقت ولو بركعة حيث يدور الامر حينئذ بين الاخلال بالوقت أو القبلة وقد أشرنا انفا إلى اختصاص شرطية الاستقبال بصورة التمكن منه مع رعاية الوقت فهي في غير مثل الفرض فما صدر منه قبل استبانة الخطأ وقع صحيحا لأنه كان معذورا حال الفعل من الاستقبال وقد استوعب عذره الوقت حيث لا يتمكن من اعادته أداء فعليه المضي في صلاته وان استلزم ذلك فوات الاستقبال فيما بقي منها أيضا فضلا عن رعايته بالنسبة إلى زمان التذكر والانحراف إلى القبلة وما في موثقة عمار من اطلاق الامر بقطع الصلاة في صورة الاستدبار منصرف أو مصروف إلى غير مثل الفرض جمعا بين الأدلة و لكن الاحتياط بالاتمام والإعادة في خارج الوقت مما لا ينبغي تركه والله العالم واعلم أنه قد يرائى من تخصيص الأصحاب عنوان الموضوع في الفروع المتقدمة بمن صلى بظن القبلة اختصاص الاحكام المتقدمة لديهم بالظان دون الغافل عن رعاية القبلة أو المعتقد للخلاف ولكن الظاهر عدم ارادتهم الاختصاص وتعيرهم بالظان اما للجري مجرى الغالب من في لخطأ الا مع الظن أو لغلته وقوع التعبير عن مطلق الاعتقاد المخالف للواقع بالظن وكيف كان فالأظهر عدم اختصاص شئ من الفروع بخصوص الظان بل تعم مطلق من صلى لغير القبلة لا عن عمد وما بحكمه كالتسامح في تشخيصها بحسب ما تقضيه تكليفه أو الجاهل بالحكم اي بشرطية الاستقبال للصلاة
(١١٤)