يقيد العموم فالصحيحة تدل على جواز الصلاة على الأرجوحة على تقدير امكان استيفاء اجزائها وشرائطها ولكن حكى عن غير واحد من الأصحاب الاستشكال أو المنع عن ذلك فعن العلامة في القواعد أنه قال وفي صحة الفريضة على بعير معقول أو مرجوحة معلقة بالجبال نظر وعن المنتهى والايضاح والموجز والجعفرية وشرحها و حاشية المسمى الجزم بالبطلان فيهما وعن الشهيدين القول بالبطلان في المعقول وعن الأول منهما في الأرجوحة أيضا ولكنه احتمل الجواز فيها لصحيحة علي بن جعفر عليه السلام المتقدمة وقد عرفت ان الأقوى فيها بل في الصلاة على الدابة السائرة فضلا عن الواقفة أو البعير المعقول الجواز على تقدير التمكن من استيفاء الاجزاء والشرائط وهذا الفرض وان كان بعيد أقل ما يتفق حصوله في الخارج خصوصا بالنسبة إلى الدابة السائرة ولكن كثيرا ما يكون المكلف في حد ذاته عاجزا بحيث لا يجب عليه الا الصلاة عن جلوس مؤميا للركوع والسجود ولكنه متمكن من ايقاعها على الأرض فيظهر ثمرة الخلاف غالبا في مثل الفرض حيث يجوز الاتيان بها حينئذ على المحمل اختيارا ما لم يكن مفوتا للاستقبال والاستقرار عرفا على المختار بخلاف ما لو قلنا بالمنع مطلقا الا لدى الضرورة ودعوى ان الحركة التبعية اللاحقة للمصلي بواسطة سير الدابة منافية لصدق الاستقرار المعتبر في الصلاة لدى التمكن منه مدفوعة بان غاية ما يمكن استفادته من الأدلة الشرعية كما يأتي تحقيقه في محله إن شاء الله انما هو كون المصلي بنفسه مستقرا لامكانه وأوضح من ذلك كله جواز الصلاة في السفينة اختيارا لدى التمكن من استيفاء فرائضها من القيام والاستقبال والركوع والسجود وغير ذلك سواء كانت واقفة أو سائرة كما يشهد له جملة من الاخبار منها صحيحة جميل بن دراج أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام تكون السفينة قريبة من الجد فأخرج واصلي قال صل فيها اما ترضي بصلاة نوح وعنه أيضا أنه قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام الصلاة في السفينة فقال إن رجلا اتى أبي فسئله فقال إني أكون في السفينة والجدد مني قريب فأخرج فاصلي عليه فقال له أبو جعفر عليه السلام اما ترضى أتصلي بصلاة نوح وصحيحة المفضل بن صالح قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفرات وما هو أضعف منه من الأنهار في السفينة فقال إن صليت فحسن وان خرجت فحسن ونحوها رواية يونس بن يعقوب الا ان فيها عن الصلاة في الفرات و ما هو أصغر منه الخ وخبر علي بن جعفر عليه السلام المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل هل يصلح له ان يصلي في السفينة الفريضة وهو يقدر على الجد قال نعم لا باس وهذه الأخبار صريحة الدلالة في ارادتها حال الاختيار والقدرة على الخروج وظاهرها في لفرق بين ما لو كانت سائرة أو واقفة بل قد يدعى ان المتبادر من السؤال عن الصلاة في السفينة انما هو ارادتها حال السير الذي فيه مظنة المنع كما يؤيده التشبيه بصلاة نوح عليه السلام ويدل عليه أيضا اطلاق الجواب من غير استفصال في خبر صالح بن الحكم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال إن رجلا سئل أبي عن الصلاة في السفينة فقال أترغب عن صلاة نوح بل ظاهر السؤال ارادتها في حال الاختيار إذ لا موقع لتوهم المنع عنها لدى الضرورة وكون صلاة نوح عليه السلام صادرة في حال الضرورة لا يوهن ظهور الرواية في ارادتها حال الاختيار لان صدورها في مقام الضرورة لا يقتضي كونها صلاة اضطرارية واستدل له أيضا بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن صلاة الفريضة في السفينة وهو يجد الأرض يخرج إليها غير أنه يخاف السبع أو اللصوص ويكون معه قوم من لا يجتمع رأيهم على الخروج ولا يطيعونه وهل يضع وجهه إذا صلى وأومأ ايماءا قاعدا أو قائما فقال إن استطاع ان يصلي قائما فهو أفضل وان لم يستطع صلى جالسا وقال لا عليه ان لا يخرج فان أبي سئله عن مثل هذه المسألة رجل فقال أترغب عن صلاة نوح ونوقش فيها بان موردها صورة الضرورة وهي غير ما نحن فيه اللهم الا ان يراد الاستدلال بقوله عليه السلام في الجواب لا عليه ان لا يخرج الحديث وفيه انه باعتبار الضمير لا اطلاق فيه بل قد يستفاد من التعليل فيه ارادتها في حال الضرورة ضرورة ظهوره في اضطرار نوح عليه السلام لتلك الصلاة فمن ساواه في ذلك ليس له ان يرغب عن صلاة فلا يشمل المتمكن من الصلاة على الجدد بلا مشقة انتهى ويمكن رفع المناقشة بأن قوله عليه السلام لا عليه ان لا يخرج بحسب الظاهر كلام مستأنف سيق لبيان في لحاجة إلى الخروج وكون الصلاة في السفينة من حيث إنها صلاة تامة كاملة مستشهدا لذلك بقول أبيه عليه السلام أترغب عن صلاة نوح فان ظاهرة كون صلاة نوح من حيث هي صلاة تامة كاملة لا ينبغي الرغبة عنها لا انها صلاة ناقصة سوغته الضرورة كما يؤيد ذلك الأخبار المتقدمة التي استشهد فيها بها في جواب من سئله عن الصلاة في السفينة مع قدرته على الخروج فما قيل من ظهوره في اضطرار نوح عليه لتلك الصلاة ففيه انه ليس فيه اشعار بذلك فضلا عن الظهور وانما علم من الخارج صدورها في حال الضرورة وقد أشرنا انفا إلى أن هذا لا يقتضي كون صلاته اضطرارية بل ظاهر هذه الأخبار كونها من حيث هي صلاة كاملة وكيف كان ففيما عدى هذه الصحيحة غنى وكفاية ولكن ربما يظهر من بعض الأخبار اختصاص الجواز بحال الضرورة مثل ما رواه الشيخ في الحسن أو الصحيح عن حماد بن عيسى قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يسئل عن الصلاة في السفينة فيقول ان استطعتم ان تخرجوا إلى الجدد فأخرجوا فإن لم تقدروا فصلوا قياما فاما لم تستطيعوا فصلوا قعودا وتحروا القبلة وعن قرب الإسناد باسناده عن حماد بن عيسى نحوها الا أنه قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان أهل العراق يسئلون أبي رضي الله عنه عن الصلاة في السفينة فيقول ان استطعتم ان تخرجوا إلى الجد فافعلوا فإن لم تقدروا فصلوا قياما فإن لم تقدروا فصلوا قعودا وتحروا القبلة فالظاهر اتحاد الروايتين لاتحاد مضمونهما وتقارب ألفاظهما فما رواه الشيخ رحمه الله لا يبعد كونه مشتملا على السقط وضمرة علي بن إبراهيم قال سئلته عن الصلاة في السفينة قال يصلي وهو جالس إذا لم يمكنه القيام في السفينة ولا يصلي في السفينة وهو يقدر على الشط وقال يصلي في السفينة يحول وجهه إلى القبلة ثم يصلي كيف ما دارت ويؤيده ما يستشعر من جملة عن الأسئلة الواقعة في الروايات بل ومن بعض أجوبتها أيضا من مغروسية اختصاص الجواز بحال الضرورة في أذهانهم ومعروفيته لديهم مثل السؤال الواقع في صحيحة بن سنان المتقدمة وسؤال علي بن جعفر أخاه عليه السلام فيما روى من كتابه قال سئلته عن قوم لا يقدرون ان يخرجوا الا لطين وماء هل يصلح لهم ان يصلوا الفريضة في السفينة قال نعم
(١٠٦)