اللهم إلا أن يقال: إن عدم ترتب جميع مقاصد المتعاقدين على عقد بمجرد إنشائه مع وقوع (1) مدلول ذلك العقد في نظر الشارع مقيدا بانضمام بعض الأمور اللاحقة - كالقبض في الهبة ونحوها والإجازة في الفضولي - لا يقتضي النهي عنها بقول مطلق، إذ معنى صحة المعاملة شرعا أن يترتب عليها شرعا المدلول المقصود من إنشائه ولو مع شرط لاحق، وعدم بناء المتعاملين على مراعاة ذلك الشرط لا يوجب النهي عنه إلا مقيدا بتجرده عن لحوق ذلك الشرط، فقصدهم ترتب الملك المنجز على البيع قبل التملك بحيث يسلمون الثمن ويطالبون المبيع لا يوجب الحكم عليه بالفساد.
فالإنصاف: أن ظاهر النهي في تلك الروايات هو عدم وقوع البيع قبل التملك للبائع وعدم ترتب أثر الإنشاء المقصود منه عليه مطلقا حتى مع الإجازة، وأما صحته بالنسبة إلى المالك إذا أجاز، فلأن النهي راجع إلى وقوع البيع المذكور للبائع، فلا تعرض فيه لحال المالك إذا أجاز، فيرجع فيه إلى مسألة الفضولي.
نعم، قد يخدش (2) فيها (3): أن ظاهر كثير من الأخبار المتقدمة (4)، ورودها في بيع الكلي، وأنه لا يجوز بيع الكلي في الذمة ثم اشتراء