ويمكن أن ينطبق على ما ذكرنا الاستدلال المتقدم في عبارة التذكرة بقوله قدس سره: " لأن المخاطب لا يدري بم خوطب " (1)، إذ ليس المراد: أن المخاطب لا يفهم منها المطلب ولو بالقرائن الخارجية، بل المراد أن الخطاب بالكناية لما لم يدل على المعنى المنشأ ما لم يقصد الملزوم، - لأن اللازم الأعم، كما هو الغالب بل المطرد في الكنايات، لا يدل على الملزوم ما لم يقصد المتكلم خصوص الفرد المجامع (2) مع الملزوم الخاص - فالخطاب في نفسه محتمل، لا يدري المخاطب بم خوطب، وإنما يفهم المراد بالقرائن الخارجية الكاشفة عن قصد المتكلم.
والمفروض - على ما تقرر في مسألة المعاطاة (3) - أن النية بنفسها أو مع انكشافها بغير الأقوال لا تؤثر في النقل والانتقال، فلم يحصل هنا عقد لفظي يقع التفاهم به، لكن هذا الوجه (4) لا يجري في جميع ما ذكروه من أمثلة الكناية.
ثم إنه ربما يدعى: أن العقود المؤثرة في النقل والانتقال أسباب شرعية توقيفية، كما حكي عن الإيضاح من أن كل عقد لازم وضع له الشارع صيغة مخصوصة بالاستقراء (5)، فلا بد من الاقتصار على المتيقن.