وفيه: أن التمليك فيه ضمني، وإنما حقيقته التملك بعوض، ولذا لا يجوز الشراء بلفظ " ملكت "، تقدم على الإيجاب أو تأخر. وبه يظهر اندفاع الإيراد بانتقاضه بمستأجر العين بعين (1)، حيث إن الاستئجار يتضمن تمليك العين بمال، أعني: المنفعة.
ومنها: انتقاض طرده بالصلح على العين بمال، وبالهبة المعوضة.
وفيه: أن حقيقة الصلح - ولو تعلق بالعين - ليس هو التمليك على وجه المقابلة والمعاوضة، بل معناه الأصلي هو التسالم، ولذا لا يتعدى بنفسه إلى المال. نعم، هو متضمن للتمليك إذا تعلق بعين، لا أنه نفسه.
والذي يدلك على هذا: أن الصلح قد يتعلق بالمال عينا أو منفعة، فيفيد التمليك. وقد يتعلق بالانتفاع به (2)، فيفيد فائدة العارية، وهو مجرد التسليط (3)، وقد يتعلق بالحقوق، فيفيد الإسقاط أو الانتقال، وقد يتعلق بتقرير أمر بين المتصالحين - كما في قول أحد الشريكين لصاحبه:
" صالحتك على أن يكون الربح لك والخسران عليك " - فيفيد مجرد التقرير.
فلو كانت (4) حقيقة الصلح هي عين كل من (5) هذه المفادات الخمسة لزم كونه مشتركا لفظيا، وهو واضح البطلان، فلم يبق إلا أن يكون مفهومه معنى آخر، وهو التسالم، فيفيد في كل موضع (6) فائدة من