وأما الإجماع فغير خفي.
وأما العقل القطعي، فالمستقل منه حكمه بوجوب شكر المنعم بعد معرفة أنهم أولياء النعم، والغير المستقل حكمه بأن الأبوة إذا اقتضت وجوب طاعة الأب على الابن في الجملة، كانت الإمامة مقتضية لوجوب طاعة الإمام على الرعية بطريق أولى، لأن الحق هنا أعظم بمراتب، فتأمل.
والمقصود من جميع ذلك: دفع ما يتوهم من أن وجوب طاعة الإمام مختص بالأوامر الشرعية، وأنه لا دليل على وجوب إطاعته (1) في أوامره العرفية أو سلطنته على الأموال والأنفس.
وبالجملة، فالمستفاد من الأدلة الأربعة بعد التتبع والتأمل: أن للإمام عليه السلام سلطنة مطلقة على الرعية من قبل الله تعالى، وأن تصرفهم نافذ على الرعية ماض مطلقا.
هذا كله في ولايتهم بالمعنى الأول.
وأما بالمعنى الثاني - أعني اشتراط تصرف الغير بإذنهم - فهو وإن كان مخالفا للأصل، إلا أنه قد ورد أخبار خاصة بوجوب الرجوع إليهم (2)، وعدم جواز الاستقلال لغيرهم بالنسبة إلى المصالح المطلوبة للشارع الغير المأخوذة على شخص معين من الرعية، كالحدود والتعزيرات، والتصرف في أموال القاصرين، وإلزام الناس بالخروج عن الحقوق، ونحو ذلك.