نعم، يمكن أن يقال - بعد عدم الدليل لترجيح أحد الأقوال، والإجماع على عدم تخيير المالك -: التخيير في الأداء من جهة دوران الأمر بين المحذورين، أعني: تعين المثل بحيث لا يكون للمالك مطالبة القيمة ولا للضامن الامتناع، وتعيين (1) القيمة كذلك، فلا متيقن في البين، ولا يمكن البراءة اليقينية عند التشاح، فهو من باب تخيير المجتهد في الفتوى، فتأمل.
هذا، ولكن يمكن أن يقال: إن القاعدة المستفادة من إطلاقات الضمان في المغصوبات والأمانات المفرط فيها، وغير ذلك، هو الضمان بالمثل، لأنه أقرب إلى التالف من حيث المالية والصفات، ثم بعده قيمة التالف من النقدين وشبههما، لأنهما (2) أقرب من حيث المالية، لأن ما عداهما يلاحظ مساواته للتالف بعد إرجاعه إليهما.
ولأجل الاتكال على هذا الظهور لا تكاد تظفر على مورد واحد من هذه الموارد على كثرتها قد نص الشارع فيه على ذكر المضمون به، بل كلها - إلا ما شذ وندر - قد أطلق فيها الضمان، فلولا الاعتماد على ما هو المتعارف لم يحسن من الشارع إهماله في موارد البيان.
وقد استدل في المبسوط (3) والخلاف (4) على ضمان المثلي بالمثل، والقيمي بالقيمة بقوله تعالى: * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل