الرابع: ما دل من العقل والنقل على عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بإذنه، فإن الرضا اللاحق لا ينفع في رفع القبح الثابت حال التصرف، ففي التوقيع المروي في الاحتجاج: " لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره إلا بإذنه " (1)، ولا ريب أن بيع مال الغير تصرف فيه عرفا.
والجواب: أن العقد على مال الغير متوقعا لإجازته غير قاصد لترتيب الآثار عليها ليس تصرفا فيه.
نعم، لو فرض كون العقد علة تامة ولو عرفا لحصول الآثار - كما في بيع المالك أو الغاصب المستقل - كان حكم العقد جوازا ومنعا حكم معلوله المترتب عليه.
ثم لو فرض كونه تصرفا، فمما استقل العقل بجوازه مثل الاستضاءة والاصطلاء بنور الغير وناره، مع أنه قد يفرض الكلام فيما إذا علم الإذن في هذا من المقال أو الحال، بناء على أن ذلك لا يخرجه عن الفضولي، مع أن تحريمه لا يدل على الفساد، مع أنه لو دل لدل على بطلان البيع بمعنى عدم ترتب الأثر عليه وعدم استقلاله في ذلك، ولا ينكره القائل بالصحة، خصوصا إذا كانت الإجازة ناقلة.
ومما ذكرنا ظهر الجواب عما لو وقع العقد من الفضولي قاصدا لترتيب الأثر من دون مراجعة المشتري، بناء على أن العقد المقرون بهذا القصد قبيح محرم، لا نفس القصد المقرون بهذا العقد.