ثم إن ما ذكرنا من اعتبار العجز عن التفصي إنما هو في الإكراه المسوغ للمحرمات، ومناطه توقف دفع ضرر المكره على ارتكاب المكره عليه، وأما الإكراه الرافع لأثر المعاملات، فالظاهر أن المناط فيه عدم طيب النفس بالمعاملة، وقد يتحقق مع إمكان التفصي، مثلا من كان قاعدا في مكان خاص خال عن الغير متفرغا لعبادة أو مطالعة، فجاءه من أكرهه على بيع شئ مما عنده وهو في هذه الحال غير قادر على دفع ضرره وهو كاره للخروج عن ذلك المكان لكن لو خرج كان له في الخارج خدم يكفونه شر المكره، فالظاهر صدق الإكراه حينئذ، بمعنى عدم طيب النفس لو باع ذلك الشئ، بخلاف من كان خدمه حاضرين عنده، وتوقف دفع ضرر إكراه الشخص على أمر خدمه بدفعه وطرده، فإن هذا لا يتحقق في حقه الإكراه، ويكذب لو ادعاه، بخلاف الأول إذا اعتذر بكراهة الخروج عن ذلك المنزل.
ولو فرض في ذلك المثال إكراهه على محرم لم يعذر فيه بمجرد كراهة الخروج عن ذلك المنزل، وقد (1) تقدم الفرق بين الجبر والإكراه في رواية ابن سنان (2).
فالإكراه المعتبر في تسويغ المحظورات، هو: الإكراه بمعنى الجبر المذكور في الرواية (3)، والرافع لأثر المعاملات هو (4): الإكراه الذي ذكر