في العساكر وكانت بينه وبين أبى القاسم عدة وقعات ظهر فيما مؤنس وأصاب عسكر أبى القاسم الجهد من الغلاء والوباء فرجع إلى إفريقية وكانت مراكبهم قد وصلت من المهدية إلى الإسكندرية في ثمانين أصطولا مددا لابي القاسم وعليها سليمان الخادم ويعقوب الكتامي وكانا شجاعين وسار الأصطول من طرسوس للقائهم في خمسة وعشرين مركبا والتقوا على رشيد وظفرت مراكب طرسوس وأحرقوا وأسروا سليمان ويعقوب فمات سليمان في حبس مصر وهرب يعقوب من حبس بغداد إلى إفريقية ثم أغزى المهدى سنة ثمان مضالة بن حبوس في رجالات مكناسة إلى بلاد المغرب فأوقع بملك فاس من الأدارسة وهو يحيى بن إدريس بن إدريس بن عمرو واستنزله عن سلطانه إلى طاعة المهدى فأعطى بها صفقته وعقد لموسى بن أبي العافية المكناسي من رجالات قومه على أعمال المغرب ورجع ثم عاود غزو المغرب سنة تسع فدوخه ومهد جوانبه وأغراه قريبه عامل المغرب موسى بن أبي العافية بيحيى بن إدريس صاحب فاس فتقبض عليه وضم فاس إلى اعمال موسى ومحا دعوة الإدريسية من المغرب وأجهضهم عن اعماله فتحيزوا إلى بلاد الريف وغمارة واستجدوا بها ولاية كما نذكره في أخبار غمارة ومنهم كان بنو حمود العلويون المستولون على قرطبة عند انقراض ملك الأمويين في سنة ثلاث وأربعمائة كما نذكر هنالك ثم صمد مضالة إلى بلاد سجلماسة فقتل أميرها من آل مدرار المكناسيين المنحرف عن طاعة الشيعة وعقد لابن عمه كما نذكر في أخبارهم وسار في أتباعه زناتة في نواحي المغرب فكانت بينه وبينهم حروب هلك مضالة في بعضها على يد محمد بن خزر واضطرب المغرب فبعث المهدى ابنه أبا القاسم غازيا إلى المغرب في عساكر كتامة وأولياء الشيعة سنة خمس عشرة وثلثمائة ففر محمد بن خزر وأصحابه إلى الرمال وفتح أبو القاسم بلد مزاتة ومطماطة وهوارة وسائر الإباضية والصفرية ونواحي تاهرت قاعدة المغرب الأوسط إلى ما وراءها ثم عاج إلى الريف فافتتح بلد لكور من ساحل المغرب الأوسط ونازل صاحب جراوة من آل إدريس وهو الحسن بن أبي العيش وضيق عليه ودوخ أقطار المغرب ورجع ولم يلق كيدا ومر بمكان بلد المسيلة وبها بنو كملان من هوارة وكان يتوقع منهم الفتنة فنقلهم إلى فج القيروان وقضى الله أن يكونوا أولياء لصاحب الحمار عند خروجه ولما نقلهم أمر ببناء المسيلة في بلدهم وسماها المحمدية ودفع علي بن حمدون الأندلسي من صنائع دولتهم إلى بنائها وعقد له عليها وعلى الزاب بعد اختطاطها فبناها وحصنها وشحنها بالأقوات فكانت مددا للمنصور في حصار صاحب الحمار كما يذكر ثم انتقض موسى بن أبي العافية عامل فاس والمغرب وخلع طاعة الشيعة وانحرف
(٣٩)