أخوه أبو العباس المخطوم وأبو عبد الله هذا يعرف بالمعلم لأنه كان يعلم مذهب الإمامية فاتصل أبو عبد الله بمحمد الحبيب ورأى ما فيه من الأهلية فأرسله إلى ابن حوشب باليمن ليأخذ عنه ثم يذهب إلى المغرب ويقصد بلد كتامة فيظهر بينهم الدعوة فجاء أبو عبد الله إلى ابن حوشب ولزمه وشهد مجاله وأفاد عمله ثم خرج مع حاج اليمن إلى مكة فلقى بالموسم رجالات كتامة ورؤساءهم وفيهم من لقى الحلواني وابن بكار وأخذوا عنهما فقصدهم أبو عبد الله في رجالهم وكان منهم موسى بن حريث كبير بنى سكان من جملة أحد شعوبهم وأبو القاسم الورنجومى من أحلافهم ومسعود ابن عيسى بن ملال المساكتى وموسى بن تكاد فجلس إليهم وسمعوا منه مذاهبهم ورأوا ما هو عليه من العبادة والزهد فعلق بقلوبهم وصار يتعهدهم في رجالهم فاغتبطوا به واغتبط بهم ولما أرادوا الرحلة إلى بلادهم سألوه الصحبة فوافقهم طاويا وجه مذهبه عنهم بعد أن سألهم عن قومهم وعصابتهم وبلادهم وملكة السلطان فيهم فكشفوا له علم ذلك وأنهم انما يعطون السلطان طاعة معروفة فاستيقن تمام أمره فيهم وخرج معهم إلى المغرب وسلكوا طريق الصحراء وعدلوا عن القيروان إلى أن وصلوا بلد سوماثة وبها محمد بن حمدون بن سماك الأندلسي من بجاية الأندلس نزيلا عندهم وكان قد أدرك الحلواني وأخذ عنه فنزل أبو عبد الله الشيعي عليه فأكرمه وفاوضه وتفرس ابن حمدون فيه أنه صاحب الدولة ثم ارتحلوا وصحبهم ابن حمدون ودخلوا بلد كتامة منتصف ربيع سنة ثمان وثمانين ومائتين فنزل على موسى بن حريث ببلده انكچان في بلد بنى سكتان من جبيلة وعين له مكان منزله بفج الأخيار وأن النص عنده من المهدى بذلك وبهجرة المهدى وأن أنصار الأخيار من أهل زمانه وأن اسمهم مشتق من الكتمان واجتمع إليه الكثير من أهل كتامة ولقى علماءهم واشتمل عليه الكثير من أهوائهم فجاهر مذهبه وأعلن بامامة أهل البيت ودعا للرضا من آل محمد واتبعه أكثر كتامة وكانوا يسمونه بأبي عبد الله الشيعي والمشرقي وبلغ خبره إلى أمير إفريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب فبعث إليه بالتهديد والوعيد فأساء الرد عليه وخاف رؤساء كتامة عادية ابن الأغلب وأغراهم عمال بلادهم بالشيعي مثل موسى بن عياش صاحب مسيلة وعلي بن حفص بن عسلوجة صاحب سريف وجاء ابن تميم صاحب يلزمة فاجتمعوا وتفاوضوا في شأنه وحضر يحيى المساكتى وكان يدعى بالأمير ومهدى بن أبي كمارة رئيس لهيعة وفرج بن حيران رئيس أجانة وثمل بن بحل رئيس لطانة وراسلوا بيان بن صفلان رئيس بنى سكتان وأبو عبد الله الشيعي عندهم بجبل ايكچان في أن يسلمه إليهم أو يخرجه من بلدهم وحذروه عاقبة أمره فرد أمره
(٣٢)