فاستنجز من العزيز وعده إياه بولاية دمشق وصادف ذلك أن المغاربة بمصر أجمعوا على التوئب بالوزير بن كلس ودعت الضرورة إلى استقدام بلتكين من دمشق فأمره العزيز بالقدوم وولاية بكجور على دمشق ففعل ودخلها بكجور في رجب من سنة ثلاث وسبعين وعاث في أصحاب ابن كامل وحاشيته بدمشق لما كان يبلغه عنه من صد العزيز عن ولايته ثم أساء السيرة في أهل دمشق فسعى ابن كلس في عزله عند العزيز وجهز العساكر سنة ثمان وسبعين مع منير الخادم وكتب إلى نزال عامل طرابلس بمظاهرته وجمع بكجور العرب وخرج للقائه فانهزم ثم خاف من وصول نزال فاستأمن لهم وتوجه إلى الرقة فاستولى عليها ودخل منير دمشق واستقر في ولايتها وارتفعت منزلته عند العزيز وجهزه لحصار سعد الدولة بحلب وكان بكجور بعد انصرافه من دمشق إلى الرقة سأل من سعد الدولة العود إلى ولاية حمص فمنعه فأجلب عليه واستنجد العزيز لحربه وبعث إلى نزال عامل طرابلس بمظاهرته فسار إليه بالعساكر وخرج سعد الدولة من حلب للقائهم وقد أضمر نزال الغدر ببكجور تقدم إليه بذلك عيسى بن نسطورس وزير العزيز بعد ابن كلس وجاء سعد الدولة للقائهم وقد استمد عامل أنطاكية للروم فأمده بجيش كثير وداخل العرب الذين مع بكجور في الانهزام عنه وعدوه ذلك من أنفسهم فلما تراءى الجمعان وشعر بكجور بخديعة العرب فاستمات وحمل على الصف بقصد سعد الدولة فقتل لؤلؤ الكبير مولاه بطعنه إياه ثم حمل عليه سعد الدولة فهزمه فسار إلى بعض العرب وحمل إلى سعد الدولة فقتله وسار إلى الرقة فملكها وقبض جميع أمواله وكانت شيئا لا يعبر عنه وكتب أولاده إلى العزيز يستشفعون به فشفع إلى سعد الدولة فيهم أن يبعثهم إلى مصر ويتهدده على ذلك فأساء سعد الدولة الرد وجهز لحصار حلب الجيوش مع منجوتكين فنزل عليها وحاصرها وبها أبن الفضائل ابن سعد الدولة ومولاه لؤلؤ الصغير وأرسلا إلى سيل ملك الروم يستنجد انه وهو في قتال بلغار فبعث إلى عامل أنطاكية أن يمدهما فسار في خمسين ألفا حتى نزل حبس العاصي وبلغ خبره إلى منجوتكين فارتحل عن حلب ولقى الروم فهزمهم وأثخن فيهم قتلا وأسرا وسار إلى أنطاكية وعاث في نواحيها وخرج أبو الفضائل في مغيب منجوتكين إلى ضواحي حلب فنقل ما فيها من الغلال وأحرق بقيتها لتفقد عساكر منجوتكين الأقوات فلما عاد منجوتكين إلى الحصار جهز عسكره وأرسل لؤلؤ إلى أبي الحسن المغربي في الصلح فعقد له ذلك ورحل منجوتكين إلى دمشق وبلغ الخبر إلى العزيز فغضب وكتب إلى منجوتكين بالعود إلى حصار حلب وابعاد الوزير المغربي وأنفذ الأقوات للعسكر في البحر إلى طرابلس وأقام منجوتكين في حصار حلب وأعادوا مراسلة ملك الروم
(٥٤)