الارك الذي كان للمنصور عليهم سنة احدى وتسعين وخمسمائة والبيبوح صاحب ليون هو الذي مكر بالناصر عام العقاب فداخله وقدم عليه وأظهر له التنصيح فبذل له أموالا ثم غدر به وكر عليه الهزيمة يوم العقاب ثم هلك الناصر وولى ابنه المستنصر وفشل ريح بنى عبد المؤمن واستولى الفنش على جميع ما افتتحه المسلمون من معاقل الأندلس وارتجعها ثم هلك الفنش وولى ابنه هراندة وكان أحول وكان يلقب بذلك وهو الذي ارتجع قرطبة وإشبيلية من أيدي بنى هود وعلى عهده زحف ملك أرغون فارتجع شرق الأندلس كله شاطبة ودانية وبلنسية وسرقسطة وسائر الثغور والقواعد الشرقية وانحاز المسلمون إلى سيف البحر وملكوا عليهم ابن الأحمر بعد ولاية ابن هود ثم هلك هراندة وولى ابنه ثم هلك ابنه وولى ابنه هراندة وأجاز بنو مرين إلى الأندلس صريخا لابن الأحمر وسلطانهم يومئذ يعقوب بن عبد الحق فلقيته جموع النصرانية بوادلك وعليهم ذنبة من أقماط بنى أدفونش وزعمائهم فهزمهم يعقوب بن عبد الحق وبقيت فتن متصلة ولم يلقه يعقوب وانما كان يغزو بلادهم ويكثر فيها العبث إلى أن ألقوه بالسلم وخالف على هراندة ملك قشتالة هذا ابنه سانجة فوفد هراندة على يعقوب بن عبد الحق صريخا وقبل يده فقبل وفادته وأمده بالمال والجيش ورهن في المال التاج المعروف من ذخائر سلفهم فلم يزل بدار بنى عبد الحق من بني مرين لهذا العهد ثم هلك هراندة سنة ثلاث وثمانين واستقل ابنه سانجة بالملك ووفد على يوسف بن يعقوب بالجزيرة الخضراء بعد مهلك أبيه يعقوب وعقد معه السلم ثم انتقض وحاصر طريف وملكها وهلك سنة ثلاث وتسعين فولى ابنه هراندة ثم هلك سنة ثنتي عشرة وسبعمائة فولى ابنه بطرة صغيرا وكفله عمه جران وكان نزلهما جميعا على غرناطة عند زحفهما إليها سنة ثمان عشرة وسبعمائة فولى ابنه الهنشة بن بطرة صغيرا وكفله زعماء دولتهم ثم استبد بأمره وزحف إلى السلطان أبى الحسن وهو محاصر لطريف سنة احدى وخمسين فهلك في الطاعون الجارف وملك ابنه بطرة وقرابته القمط برشلونة فأجاره ملكها وزحف إليه بطرة مرارا وتغلب على كثير من أعماله وحاصر بلنسية مرارا ثم أتيح الغلب للقمط سنة ثمان وسبعين وسبعمائة فاستولى على بلاد قشتالة وزحفت إليه أمم النصرانية لما كانوا سئموا من عنف بطرة وسوء ملكته ولحق بطرة بأمم الفرنجة الذين وراء قشتالة في الجوف بجهات الليمانية وفرطانية إلى سيف البحر الأخضر وجزيرة قدوج شنت مزين ملكهم الأعظم وهو البلنس غالس وجاء معه مددا بأمم لا تحصى حتى ملك قشتالة والقرنتيرة ورجعوا عنه إلى بلادهم بعد أن أصابهم وباء هلك الكثير منهم ثم اتصلت الحرب بين بطرة وأخيه القمط إلى أن غلبه القمط واعتصم منه بطرة ببعض الحصون ونازله
(١٨٣)