ان استقر أهل العدوة كافة من زناتة فأوقع العرب بابن أدفونش ملك الجلالقة بالاركه من نواحي بطليوس الوقعة المذكورة سنة احدى وسبعين وخمسمائة وأجاز ابنه الناصر من بعده سنة تسع فمحص الله المسلمين واستشهد منهم عدة ثم تلاشت أمراء الموحدين من بعده وانتزى بالسادة بنواحي الأندلس في كل عمله وضعف بمراكش فصاروا إلى الاستجاشة بالطاغية بقص واستسلام حصون المسلمين إليه في ذلك فسمت رجالات الأندلس وأعقاب العرب من دولة الأموية وأجمعوا اخراجهم فثاروا بهم لحين وأخرجوهم وتولى كبر ذلك محمد بن يوسف بن هود الجذامي الثائر بالأندلس وقام ببلنسية زيان بن أبي الحملات مدافع بن يوسف بن سعد بن أعقاب دولة بنى مردنيش وثوار آخرون ثم خرج علي بن هود في دولته من أعقاب دولة العرب أيضا وأهل نسبهم محمد بن يوسف بن نصر المعروف بابن الأحمر وتلقب محمد هذا بالشيخ فحاربه أهل الجبل وكانت لكل منهما دولة أورثها بنيه فاما زيد بن مردنيش فكان مع عشرة من بني مردنيش رؤساء بلنسية واستظهر الموحدون على امارتها ولما وليها السيد أبو زيد ابن محمد بن أبي حفص بن عبد المؤمن بعد مهلك المستنصر كما نذكر في أخبارهم وذلك سنة عشرين وستمائة كان زياد هذا بطانته وصاحب أمره ثم انتقض عليه سنة ست وعشرين عندما بويع ابن هود بمرسية وخرج إلى ابده فخشيه السيد أبو زيد وبعث إليه يلاطفه في الرجوع فامتنع ولحق السيد أبو زيد بطاغية برشلونة ودخل في دين النصرانية أعاذنا الله من ذلك وملك زيان بلنسية واتصلت الفتنة بينه وبين ابن هود وخالف عليه بنو عمه عزيز بن يوسف بن سعد في جزيرة سقر وصاروا إلى طاعة ابن هود وزحف زيان للقائه على شريش فانهزم وتبعه ابن هود ونازله في بلنسية أياما وامتنعت عليه فاقلع وتكالب الطاغية على ثغور المسلمين ونازل صاحب برشلونة أنيشة وملكها وزحف زيان إليها بجميع من معه من المسلمين سنة أربع وثلاثين ونفر معه أهل شاطبة وجزيرة شقر فكانت عليهم الواقعة العظيمة التي استشهد فيها أبو الربيع سليمان وأخذ الناس في الانتقال عن بلنسية فبعث إليهم يحيى بن أبي زكريا صاحب إفريقية بالمدد من الأموال والأسلحة والطعام مع قريبه يحيى عندما نبذ دعوة بنى عبد المؤمن وأوفد عليه أعيان بلنسية وهي محصورة فرجع إلى دانية ثم أخذ الطاغية بلنسية سنة ست وثلاثين وخرج زيان إلى جزيرة شقر وأقام بدعوة الأمير أبى زكريا وبعث إليه بيعتها مع كاتبه الحافظ أبى عبد الله محمد بن الأنباري فوصل إلى تونس وأنشده قصيدته المشهورة على روى السين بلغ فيها من الإجادة حيث شاء وهي معروفة وسيأتي ذكرها في دولة بنى حفص بإفريقية من الموحدين ثم هلك ابن هود وانتقض أهل مرسية على ابنه
(١٦٧)