وقال الربيع مذهب الشافعي: إن القاضي يقضي بعلمه، وإنما توقف فيه لفساد القضاء (1).
والقول الثاني: لا يقضي بعلمه بحال. وبه قال في التابعين شريح، والشعبي (2)، وفي الفقهاء مالك، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق (3).
حكي عن شريح: إنه ترافع إليه خصمان، فادعى أحدهما على صاحبه حقا، فأنكر، فقال شريح للمدعي: ألك بينة؟ قال: نعم، أنت شاهدي، فقال: ائت الأمير حتى أحضر وأشهد لك - يعني لا أقضي لك بعلمي - (4).
وعن مالك وابن أبي ليلى قالا: لو اعترف المدعى عليه بالحق، لم يقض القاضي عليه به حتى يشهد عنده به شاهدان (5).
فأما حقوق الله تعالى فإنها تبنى على القولين، فإذا قال: لا يقضي بعلمه في حقوق الآدميين، فبان لا يقضي به في حقوق الله أولى، وإذا قال: يقضي بعلمه في حقوق الآدميين ففي حقوق الله على قولين، ولا فصل على القولين معا بين أن يعلم ذلك بعد التولية في موضع ولايته، أو قبل التولية، أو بعدها في غير موضع ولايته (6).