الانسان إذا لم يعلم شيئا سئل عنه ليس له ان يجيب من عنده كما مر. ولو فرض كون المراد بالإشارة، أصل مسألة الجزاء، فنقول: ان المورد، مورد إمكان الفحص والرجوع إليه عليه السلام فلا يرتبط بما نحن فيه أيضا.
ومنها: موثقة ابن وضاح، فيمن شك في حصول المغرب فقال عليه السلام: (أرى لك ان تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك).
والجواب عنها أولا: بان الظاهر كون الشبهة مفهومية حيث تردد امره بين كون الملاك استتار القرص أو زوال الحمرة فتكون وجوبية حيث يشك في وجوب الصوم بعد الاستتار ولا يقول بالاحتياط فيها الاخباري أيضا.
وثانيا: ان وجوب الامساك في المورد، مقتضى استصحاب اليوم أو الوجوب ولا مجال في هذه الصورة للبحث عن البراءة والاحتياط. و الحائطة في الرواية بمعنى الاحتفاظ كما عرفت، لا الاحتياط في مصطلح الأصوليين. هذا كله على فرض كون الشبهة مفهومية وان كانت موضوعية فوجوب الامساك فيها أيضا مقتضى الاستصحاب ولولاه لم يجب الاحتياط حتى عند الاخباري أيضا.
ومنها: رواية كميل: (أخوك دينك فاحتط لدينك).
والجواب عنها قد ظهر، فان الاحتياط فيها بمعنى الاحتفاظ فالمراد ان الدين امر مهم يكون بمنزلة الأخ فيجب تحفظه، وأنى ذلك من وجوب الاحتياط في الشبهات على ما يدعيه الاخباري.
وكذلك قوله: (ليس بناكب عن الصراط من سلك سبيل الاحتياط) بل ربما يطمئن النفس بعدم كون هذه، رواية كما يدل على ذلك تسجيعه المناسب لكلمات العلماء.
ومنها: رواية (عنوان) البصري عن أبي عبد الله عليه السلام وفيها: (سل العلماء ما جهلت وإياك ان تسألهم تعنتا وتجربة وإياك ان تعمل برأيك شيئا وخذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا واهرب من الفتيا هربك من الأسد ولا تجعل رقبتك عتبة للناس).
وكان (عنوان) من العامة من أهل البصرة هاجر إلى المدينة لتحصيل العلم وكان يتلمذ على مالك بن أنس وكان لا يرى للصادق عليه السلام مرتبة الإمامة. نعم كان رجلا عابدا زاهدا فسمع امر الصادق عليه السلام واشتقاق إلى لقائه فلم يأذن له أولا فتوسل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله ليلين قلبه عليه السلام فيأذن له