(ما لا يطيقون) يختص بالواجبات المتروكة بسبب عدم الطاقة، والأولان يرفعان حرمة الفعل الموجود والثالث يرفع وجوب الفعل المتروك، فافهم وتدبر.
ثم لا يخفى، انهم مثلوا في باب المعاملات للمعاملة المكره عليها بما إذا أكره على بيع داره مثلا وللمعاملة المضطر إليها بما إذا اضطر إلى ثمن داره فتولد منه الاضطرار إلى بيعها وقالوا: ان حديث الرفع لا يقتضى بطلان الثاني لكون البطلان فيه مخالفا للامتنان.
أقول: كان الأنسب ان يمثل للاضطرار أيضا بصورة تعلق الاضطرار أولا وبالذات بنفس العمل أعني البيع بان كان نفس البيع وإنشاء المبادلة بما هو فعل صادر عنه، مضطرا إليه وإن كان فرضه نادرا، واما ما ذكروه من المثال فليس الاضطرار متعلقا بالمعاملة وانما يضطر إلى مال نقد، فتتولد من إرادته إرادة إيجاد سببه المنحصر في حقه ببيع الدار، وتفصيل فروع الاكراه والاضطرار موكول إلى المباحث الفقهية.
الأمر الرابع: شمول رفع الخطأ والنسيان للواجب والمحرم قد أشرنا إلى أن الخطأ والنسيان يجريان في الواجبات والمحرمات، فتارة يخطئ أو ينسى فيترك واجبا، وأخرى يخطئ أو ينسى فيأتي بمحرم. نعم بين النسيان في باب الواجبات وبينه في المحرمات فرق من جهة، وهو ان نسيان الفعل يمكن ان يصير سببا لتركه و لا يمكن ان يصير سببا لايجاده، وانما يكون السبب في الايجاد نسيان نهى المولى، أو نسيان العنوان المنهي عنه، أو نسيان انطباقه على الفعل.
بيان ذلك: ان تحقق الفعل خارجا مسبوق بتصوره والتصديق بفائدته والعزم والجزم والشوق والإرادة، على ما تقرر في محله.
فالالتفات إلى الفعل وتصوره من مبادئ وجوده فلو فرض النسيان والذهول عنه ترتب على ذلك تركه وعدم تحققه خارجا، فمبدئية نسيان الفعل لتركه امر معقول، واما إذا وجد الفعل في الخارج فلا يعقل كون النسيان عن ذاته والذهول عنه موجبا لتحققه بل المبادي الوجودية حتى الالتفات إليه قد تحققت وبسببها تحقق الفعل، فلو قلنا إنه صدر نسيانا فلا نريد بذلك ان نسيان الفعل والغفلة عنه صار علة لصدوره وانما يراد بذلك غفلة الشخص عن امر لو كان ملتفتا إليه لصار رادعا له عن إيجاد الفعل بان نسي وغفل عن نهى المولى وزجره، أو عن العنوان الذي تعلق النهي به أو عن انطباقه على الفعل الذي أتى به.
فان قلت: كما أن نسيان الفعل في الواجبات يوجب تركه كذلك نسيان تركه في المحرمات